الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { لِنَفْسِي }: فيه وجهان، أحدهما: أنها متعلقة بأملك. والثاني: أنها متعلقةٌ بمحذوف على أنها حال من " نفعاً " لأنه في الأصل صفةٌ له لو تأخر. ويجوز أن يكون " لنفسي " معمولاً بـ " نفعاً " ، واللامُ زائدةٌ في المفعول به تقويةً للعامل لأنه فرع، إذ التقدير: لا أملك أن أنفع نفسي ولا أن أضرَّها. وهو وجهٌ حسن.

قوله: { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } في هذا الاستثناء وجهان، أظهرهما: أنه متصل، أي: إلا ما شاء الله تمكيني منه فإني أملكه. والثاني ـ وبه قال ابن عطية، وسبقه إليه مكيّ ـ: أنه منقطعٌ، ولا حاجةَ تدعو إليه أنه منقطع.

قوله: { وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ } عطف على جواب " لو " وجاء هنا على أحسنِ الاستعمال من حيث أثبت اللام في جواب " لو " المثبت وإن كان يجوزُ غيرُه، وقد تقدَّم، وحَذَف اللامَ من المنفيّ لأنه يمتنع ذلك فيه. وقال الشيخ: " ولم تصحب " ما " النافيةَ ـ أي اللام ـ، وإن كان الفصيحُ أن لا تصحبَها كقوله:وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ } [فاطر: 14]. وفيه نظرٌ لأنهم نصُّوا على أن جوابَها المنفيَّ لا يجوز دخولُ اللام عليه.

قوله: { لِّقَوْمٍ } هذه من باب التنازع فيُختار عند البصريين تعلُّقُه بـ " بشير " لأنه الثاني، وعند الكوفيين بالأول لسبقه، ويجوز أن يكونَ المتعلَّق بالنذارة محذوفاً، أي: نذير للكافرين، ودَلَّ عليه ذِكْرُ مقابله، وهو قريب من حذف المعطوف كقوله:تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } [النحل: 81].