الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِٱلْحَسَنَاتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

قوله تعالى: { أُمَماً }: إمَّا حالٌ من مفعول " قطَّعناهم " ، وإمَّا مفعولٌ ثانٍ على ما تقدَّم من أنَّ قَطَّعَ تضمَّن معنى صَيَّر. و " منهم " الصالحون " صفةٌ لأمم. وقال أبو البقاء: " أو بدل منه، أي: من أمم " يعني أنه حالٌ من مفعول " قَطَّعناهم " أي: فَرَّقناهم حال كونهم منهم الصالحون.

قوله: { وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ }. " منهم " خبرٌ مقدم، و " دونَ ذلك " نعتٌ لمنعوتٍ محذوف هو المبتدأ، والتقدير: ومنهم ناسٌ أو قومٌ دون ذلك. قال الزمخشري: " معناه: ومنهم ناسٌ منحطُّون عَنِ الصلاح، ونحوه:وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات: 64] بمعنى: ما منا أحدٌ إلا له مقامٌ معلومٌ " يعني في كونه حُذِف الموصوفُ وأقيم الجملةُ الوصفية مُقامَه، كما قام مَقامَه الظرفُ الوصفي. والتفصيل بـ " مِنْ " يجوز فيه حَذْفُ الموصوف وإقامةُ الصفة مُقامه كقولهم: " منا ظَعَن ومنَّا أقام ". وقال ابن عطية: " فإن أريدَ بالصَّلاح الإِيمانُ فـ " دون " بمعنى " غير " يُراد به الكفرة ". قال الشيخ: " إن أراد أنَّ " دون " ترادِفُ غيراً فليس بصحيحٍ، وإن أرادَ أنه يلزم أنَّ مَنْ كان دون شيء أن يكون غيراً له فصحيح ".

و " ذلك " إمَّا أن يُشارَ به إلى الصَّلاح، وإما أَنْ يُشار به إلى الجماعة، فإن أُشير به إلى الصلاح فلا بد من حذف مضاف ليصِحَّ المعنى تقديرُه: ومنهم دونَ أهلِ ذلك الصلاح ليعتدل التقسيم، وإن أُشير به إلى الجماعة أي: ومنهم دونَ أولئك الصالحين فلا حاجة إلى تقدير/ مضاف لاعتدال التقسيم بدونه. وقال أبو البقاء: " ودون ذلك ظرفٌ أو خبر على ما ذكرنا في قولهلَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [الأنعام: 94]. وفيه نظرٌ من حيث إن " دون " ليس بخبر.