الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً }

قوله: { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ }: قد تقدَّم الخلافُ فيه، وأبو عمروٍ يقرأ هنا " واللايْ يَئِسْنَ " بالإِظهار، وقاعدتُه في مثلِه الإِدغامُ، إلاَّ أنَّ الياء لَمَّا كانَتْ عنده عارضةً لكونِها بدلاً مِنْ همزةٍ، فكأنه لم يجتمعْ مِثلان. وأيضاً فإنَّ سكونَها عارضٌ، فكأنَّ ياء " اللاي " محرَّكةٌ، والحرف ما دام متحركاً لا يُدْغَمُ في غيرِه/ وقرأ " يَئِسْنَ " فعلاً ماضياً، وقُرِىء " يَيْئَسْنَ " مضارعاً. و " مِنْ المحيض مِنْ نسائكم " " مِنْ " الأولى لابتداءِ الغاية، وهي متعلِّقةٌ بالفعل قبلَها، والثانيةُ للبيان، متعلِّقةً بمحذوف و " اللائي " مبتدأ، و " فعِدَّتُهُنَّ " مبتدأ ثانٍ، " وثلاثةُ أشهر " خبرُه، والجملةُ خبرُ الأولِ، والشرطُ معترضٌ، وجوابُه محذوف. ويجوزُ أَنْ يكونَ " إنِ ارْتَبْتُم " جوابُه { فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ } ، والجملةُ الشرطيةُ خبرُ المبتدأِ، ومتعلَّقُ الارتيابِ محذوفٌ فقيل: تقديرُه: إنِ ارْتَبْتُمْ في أنها يَئِسَتْ أم لا لإِمكانِ ظهورِ حَمْلٍ. وإن كان انقطع دَمُها. وقيل: إنِ ارتَبْتُمْ في دَمِ البالغاتِ مَبْلَغَ اليأسِ: أهو دَمُ حيضٍ أم استحاضةٍ؟ وإذا كان هذا عِدَّةَ المرتابِ فيها فغيرُ المرتابِ فيها أَوْلَى، وأغربُ ما قيل: إنَّ " إنْ ارتَبْتُمْ " بمعنى تَيَقَّنْتُم فهو من الأضداد.

قوله: { وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } مبتدأٌ، خبرُه محذوفٌ. فقدَّروه جملةً كالأول، أي: فعدَّتُهنَّ ثلاثةُ أشهرٍ أيضاً، والأَوْلَى أن يقدَّرَ مفرداً، أي: فكذلك، أو مِثْلهنَّ ولو قيل: بأنَّه معطوفٌ على " اللائي يَئِسْنَ " عَطْفَ المفرداتِ، وأخبر عن الجميع بقولِه " فعِدَّتُهنَّ " لكان وجهاً حسناً. وأكثرُ ما فيه توسُّطُ الخبرِ بين المبتدأ وما عُطِف عليه، وهذا ظاهرُ قولِ الشيخ: { وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } معطوفٌ على قولِه " واللائي يَئِسْن " فإعرابُه مبتدأ كإعراب " واللائي ".

قوله: { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ } متبدأ و " أَجَلُهُنَّ " مبتدأ ثانٍ و " أن يَضَعْن " خبره والجملة خبر الأول، أي: وَضْع حَمْلهن. ويجوز أَنْ يكونَ " أَجلُهنَّ " بدلَ اشتمال مِنْ أُولات و " أنْ يضعن " خبرَ المبتدأ. والعامَّةُ على إفرادِ " حَمْلهنَّ " والضحاك " آجالُهُنَّ " جمع تكسير.