الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ }

قوله: { وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ }: في " وَدُّوا " وجهان، أحدهما: أنه معطوفٌ على جواب الشرطِ وهو قوله: " يكونوا " و " يَبْسُطوا " قاله الزمخشري. ثم رتَّب عليه سؤالاً وجواباً فقال: " فإنْ قلتَ: كيف أورَدَ جوابَ الشرط مضارعاً مثلَه ثم قال: " وَدُّوا " بلفظ الماضي؟ قلت: الماضي وإنْ كان يجري في باب الشرط مَجْرى المضارع في علم الإِعراب، فإن فيه نكتةً، كأنه قيل: وودُّوا قبل كلِّ شيءٍ كُفْرَكم وارتدادَكم، يعني: أنهم يريدون أن يُلْحِقوا بكم مَضارَّ الدنيا والآخرةِ جميعاً ". والثاني: أنه معطوفٌ على جملةِ الشرط والجزاء، ويكون تعالى قد أخبر بخبَرَيْن: بما تَضَمَّنَتْه الجملةُ الشرطيةُ، وبودادتهم كُفْرَ المؤمنين. وجعل الشيخُ هذا راجحاً، وأسقط به سؤالَ الزمخشريِّ وجوابَه فقال: " وكان الزمخشريُّ فَهِمَ مِنْ قولِه: " وَوَدُّوا " أنه معطوفٌ على جوابِ الشرطِ. والذي يظهرُ أنه ليس معطوفاً عليه لأنَّ/ ودادتَهم كفرَهم ليسَتْ مترتبةً على الظفر بهم والتسليطِ عليهم، بل هم وادُّون كفرَهم على كلِّ حالٍ، سواءً ظَفِروا بهم أم لم يظفروا بهم ". انتهى.

قلت: والظاهرُ أنه عطفٌ على الجواب. وقوله: هم وادُّون ذلك مُطلقاً مُسَلَّمٌ، ولكن ودادتَهم له عند الظفرِ والتسليطِ أقربُ وأطمعُ لهم فيه.

وقوله: { لَوْ تَكْفُرُونَ } يجوزُ أَنْ تكونَ لما سيقعُ لوقوع [غيرِه]، وأَنْ تكونَ المصدريةَ عند مَنْ يرى ذلك، وقد تقدَّم تحريرهما في البقرة.