الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

وقوله تعالى: { جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ }: الظاهر أن " جعل " بمعنى خلق فتكون متعديةً لواحد، و " لكم " متعلق بـ " جَعَلَ " وكذا " لتهتدوا ". فإن قيل: كيف يتعلَّق حرفا جر متَّحدان في اللفظ والمعنى؟ فالجواب أن الثاني بدلٌ من الأول بدلُ اشتمال بإعادة العامل، فإن " ليهتدوا " جار ومجرور، إذ اللام لام كي، والفعل بعدها منصوب بإضمار " أن " عند البصريين وقد تقدَّم تقريره. والتقدير: جعل لكم النجوم لاهتدائكم، ونظيره في القرآنلَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ } [الزخرف: 33] فـ " لبيوتهم " بدلٌ من " لمن يكفر " بإعادة العامل، وقال ابن عطية: " وقد يمكن أن يكون بمعنى " صيَّر " ويقدَّر المفعول الثاني من لتَهْتدوا، أي: جعل لكم النجوم هداية ".

قال الشيخ: " وهو ضعيفٌ لندور حَذْفِ أحد مفعولي ظنَّ وأخواتها " قلت: لم يَدَّع ابنُ عطيَّة حذف المفعول الثاني حتى يجعله ضعيفاً إنما قال: إنه مِنْ " لتهتدوا " أي: فيُقَدَّر متعلق الجار الذي وقع مفعولاً ثانياً كما يُقدَّر في نظائره والتقدير: جعل لكم النجوم مستقرة أو كائنة لاهتدائكم. وأمَّا قوله: " أي جَعَل لكم النجومَ هدايةً " فلإِيضاح المعنى وبيانه.

والنجوم معروفة وهي جمع نجم، والنجم في الأصل مصدر يقال: نَجَم الكوكبُ ينجُمُ نَجْماً ونُجوماً فهو ناجم، ثم أُطلق على الكوكب مجازاً، فالنجم يستعمل مرة اسماً للكوكب ومرة مصدراً، والنجوم تستعمل مرة للكواكب وتارة مصدراً ومنه: نَجَمَ النبت أي: طَلَع، ونَجَم قرن الشاة وغيرها، والنجم من النبات ما لا ساق له، والشجرُ ما له ساق، والتنجيم: التفريق، ومنه نجوم الكنانة تشبيهاً بتفرق الكواكب.