قول تعالى: { أَنَدْعُواْ }: استفهام توبيخ وإنكار، والجملة في محل نصب بالقول، و " ما " مفعولةٌ بـ " ندعو " وهي موصولةٌ أو نكرةٌ موصوفة، و " مِنْ دون الله " متعلِّقٌ بـ " ندعو " قال أبو البقاء: " ولا يجوز أن يكونَ حالاً من الضمير في " يَنْفَعنا " ولا معمولاً لـ " ينفعنا " لتقدُّمِه على " ما " والصلةُ والصفةُ لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف، " قوله " من الضمير في يَنْفعنا " يعني به المرفوعَ العائدَ على " ما " وقوله: " لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف " يعني أن " ما " لا تخرج عن هذين القسمين، ولكن يجوز أن يكون " من دون " حالاً من " ما " نفسها على قوله: إذ لم يجعل المانعَ من جَعْلِه حالاً من ضميره الذي في " ينفعنا " إلا صناعياً لا معنوياً، ولا فرق بين الظاهر وضميره بمعنى أنه إذا جاز أن يكون حالاً من ظاهر جاز أن يكون حالاً من ضميره، إلا أن يمنع مانع. قوله: { وَنُرَدُّ } فيه وجهان أظهرهما: أنه نسقٌ على " ندعو " فهو داخلٌ في حيِّز الاستفهام المتسلط عليه القول. والثاني: أنه حال على إضمار مبتدأ أي: ونحن نُرَدُّ. قال الشيخ بعد نقله عن أبي البقاء: " وهو ضعيفٌ لإِضمار المبتدأ، ولأنها تكون حالاً مؤكدة " وفي كونها مؤكِّدةً نظر، لأنَّ المؤكِّدةَ، ما فُهِم معناها من الأول وكأنه يقول مِنْ لازم الدعاء " من دون الله " الارتداد على العَقِب. قوله: { عَلَىٰ أَعْقَابِنَا } فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلقٌ بـ " نُرَدٌّ " والثاني: أنَّه متعلِّقٌ بمحذوف على أنه حال من مرفوع " نُرَدُّ " أي: نُرَدٌّ راجعين على أَعقابنا أو منقلبين أو متأخرين، كذا قدَّره وهو تفسيرُ معنى، إذ المقدَّر في مثله كون مطلق، وهذا يحتمل أن يُقال فيه إنه حال مؤكدة، و " بعد إذ " متعلق بـ " نُرَدٌّ ". قوله: { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ } في هذه الكاف وجهان، أحدهما: أنه نعت مصدر محذوف أي: نُرَدٌّ رَدَّاً مثل ردِّ الذين. والثاني: أنها في محل نصب على الحال من مرفوع " نرد " أي: نُرَدُّ مشبهين الذي استهوته الشياطين، فمَنْ جوَّز تعدُّدَ الحال جَعَلَها حالاً ثانية إن جعل " على أعقابنا " حالاً، ومَنْ لم يُجَوِّزْ ذلك جَعَلَ هذه الحالَ بدلاً من الحالِ الأولى، ألم يجعل " على أعقابنا " حالاً بل متعلقاً بـ " نُرَدٌّ " والجمهورُ على " اسْتَهْوَتْهُ " بتاء التأنيث وحمزة " استهواه " وهو على قاعدِته من الإِمالة، الوجهان معروفان ممَّا تقدَّم في: