الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

وقرأ الأخوان: { فَارَقُوا }: من المفارقة وفيها وجهان أحدهما: أن فاعَلَ بمعنى فَعَّل نحو: ضاعَفْتُ الحساب وضعَّفْتُه. وقيل: هي من المفارقة، وهي التركُ والتخلِيَةُ ومَنْ فرَّق دينه فآمن ببعض وكفر ببعض فقد فارق الدين القيم. وقرأ الباقون فرَّقوا بالتشديد. وقرأ الأعمش وأبو صالح وإبراهيم فَرَقوا مخفف الراء. قال أبو البقاء: " وهو بمعنى المشدد، ويجوز أن يكون بمعنى فَصَلُوه عن الدين الحق " وقد تقدم معنى الشيع.

وقوله: { لَسْتَ مِنْهُمْ } في محل رفع خبراً لإِنَّ، و " منهم " هو خبر " ليس " إذ به تتمُّ الفائدة كقول النابغة:
2131ـ إذا حاولْتَ في أسد فُجورا   فإني لستُ منك ولست مني
ونظيره في الإِثبات:فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } [إبراهيم: 36]، وعلى هذا فيكون " في شيء " متعلقاً بالاستقرار الذي تعلق به منهم أي: لست مستقراً منهم في شيء أي: مِنْ تفريقهم. ويجوز أن يكون " في شيء " الخبر و " منهم " حال مقدمة عليه، وذلك على حذف مضاف أي: لست في شيء كائن من تفريقهم، فلمَّا قُدِّمت الصفة نصبت حالاً.