قوله تعالى: { مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ }: منصوب على الحال، وفيها قولان أحدهما: أنها حال مقدرة لأن النخل والزرع وقت خروجِهما لا أَكْلَ فيهما حتى يقال فيه متفق أو مختلف، فهو كقوله{ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } [الزمر: 73] وكقولهم: " مررتُ برجلٍ معه صقرٌ صائداً به غداً " أي: مقدِّراً الاصطياد به. والثاني: أنها حال مقارنة وذلك على حذف مضاف أي: وثمر النخل وحَبّ الزرع. و " أُكُلُه " مرفوع بـ " مختلفاً " لأنه اسم فاعل، وشروط الإِعمال موجودة. والأُكُل: الشيء المأكول، وقد تقدَّم أنه يُقْرأ بضم الكاف وسكونها ومضى تحقيقه في البقرة. والضمير في " أُكُله ": الظاهر أنه يعود على الزرع فقط: إمَّا لأنه حذف حالاً من النخل لدلالة هذه عليها تقديره: والنخل مختلفاً أكله، والزرع مختلفاً أكله، وإمَّا لأن الزرع هو الظاهر فيه الاختلافُ بالنسبة إلى المأكول منه كالقمح والشعير والفول والحمص والعََدس وغير ذلك. وقيل إنها تعود عليهما، قال الزمخشري: " والضمير للنخل، والزرعُ داخلٌ في حكمه لكونه معطوفاً عليه ". قال الشيخ: " وليس بجيد، لأن العطفَ بالواو لا يُجَوِّزُ إفراد ضمير المتعاطفين ". وقال الحوفي: " والهاء في " أكلُه " عائدةٌ على ذِكْرِ ما تقدَّم من هذه الأشياء المنشآت " ، وعلى هذا الذي ذكره الحوفي لا تختص الحال بالنخل والزرع بل يكون لِما تقدَّم جميعه. قال الشيخ: " ولو كان كما زعم لكان التركيب " أكلها " ، إلا إنْ أُخذ ذلك على حذف مضاف أي: ثمر جنات، وروعي هذا المحذوفُ فقيل: " أُكُلُه " بالإِفراد على مراعاته، فيكون ذلك كقوله: " أو كظلمات في بحر لُجِّيٍّ يغشاه موج " أي: أو كذي ظلمات؛ ولذلك أعاد الضمير في يغشاه عليه ". قلت: فيبقى التقدير: مختلفاً أكل ثمر الجنات وما بعدها، وهذا يلزم منه إضافة الشيء إلى نفسه، لأن الأُكُل كما تقدم غير مرة أنه الثمر المأكول. قال الزمخشري في الأكل: " وهو ثمره الذي يؤكل ". وقال ابن الأنباري: " إن مختلفاً نُصب على القطع فكأنه قال: والنخل والزرع المختلف أُكُلُهما " وهذا رأي الكوفيين وقد تقدم إيضاحه غير مرة. وقوله: { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ } إلى قوله: { إِذَآ أَثْمَرَ } قد تقدم إيضاحه. قوله " حصادِه " قرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم بفتح الحاء، والباقون بكسرها، وهما لغتان في المصدر لقولهم جَداد وجِداد، وقَطاف وقِطاف، وحَران وحِران. قال سيبويه: " جاؤوا بالمصدر حين أرادوا انتهاء الزمان على مثالِ فِعال، وربما قالوا فيه فَعال " يعني أن هذا مصدر خاص دال على معنى زائد على مطلق المصدر فإن المصدر الأصلي إنما هو الحصد، فالحصدُ ليس فيه دلالةٌ على انتهاء زمان ولا عدمها بخلاف الحَصاد والحِصاد.