الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }

قوله: { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ }: إلى آخره أُجيب القسمُ لسَبْقِه، ولذلك رُفِعَتِ الأفعالُ ولم تُجْزَمْ، وحُذِفَ جوابُ الشرطِ لدلالةِ جوابِ القسمِ عليه، ولذلك كان فِعلُ الشرطِ ماضياً. وقال أبو البقاء: " قولُه: " لا يَنْصُرُوْنَهم " لَمَّا كان الشرطُ ماضياً تُرِكَ جَزْمُ الجوابِ " انتهى. وهو غَلَطٌ؛ لأنَّ " لا يَنْصُرونهم " ليس جواباً للشرطِ، بل هو جوابٌ للقسم، وجواب الشرطِ محذوفٌ كما تقدَّمَ تقريرُه، وكأنه توهَّم أنه من بابِ قوله:
4251ـ وإن أتاه خليلٌ يومَ مَسْأَلَةٍ   يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وقد سبق أبا البقاء ابنُ عيطة إلى ما يُوْهِم شيئاً من ذلك، ولكنه صرَّح بأنه جوابُ القسم، وقال: " جاءت الأفعالُ غير مجزومةٍ في " لا يَخْرجون " ولا " يَنْصُرون " لأنها راجعةٌ على حكم القسم لا على حكمِ الشرط. وفي هذا نظرٌ " وقوله: " وفي هذا نظر " مُوْهِمٌ أنه جاء على خلافِ ما يقتضيه القياسُ، وليس كذلك، بل جاء على ما يَقْتضيه القياسُ. وفي هذه الضمائرِ قولان، أحدهما: أنها كلَّها للمنافقين. والثاني: أنها مختلفةٌ، بعضُها لهؤلاء وبعضُها لهؤلاء.