الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ }

قوله: { ثُلَّةٌ }: خبرُ مبتدأ مضمرٍ، أي: هم. ويجوزُ أَنْ يكونَ مبتدأ خبرُه مضمرٌ، أي: منهم ثُلَّةٌ، أي: من السابقين يعني: أن التقسيمَ وقع في السابقين، وأَنْ يكونَ مبتدأً خبرُه { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } أو قولُه " على سُرُر " فهذه أربعةُ أوجهٍ.

والثُّلَّة: الجماعةُ من الناس. وقَيَّدها الزمخشريُّ بالكثيرة وأنشد:
4202ـ وجاءَتْ إليهم ثُلَّةٌ خِنْدِفِيَّةٌ   بجيشٍ كتَيَّارٍ مِنْ البحرِ مُزْبِدِ
ولم يُقَيِّدْها غيرُه، بل صَرَّح بأنها الجماعة قلَّت أو كَثُرَتْ. وقال الراغب: " الثُّلَّةُ قطعةٌ مجتمعةٌ من الصوف، ولذلك قيل للغنم: ثَلَّة. قلت: يعني بفتح الثاء، ومنه قولُه:
4203ـ أَمْرَعَتِ الأرضُ لَوَ أنَّ مالا   لَوْ أن نُوْقاً لك أو جِمالا
أو ثَلَّةً مِنْ غنم إمَّا لا   
انتهى. ثم قال الراغب: " ولاعتبار الاجتماع قيل: " ثُلَّة من الأوَّلين، وثُلَّة من الآخِرين " ، أي: جماعة وثَلَّلْتُ كذا: تناوَلْتُ ثُلَّةً منه. وثَلَّ عرشَه: أسقطَ ثُلَّة منه. والثَّلَلُ: قِصَرُ الأسنانِ لسُقوط ثُلَّةٍ منها. وأثَلَّ فَمُه سَقَطَتْ أسنانُه. وتَثَلَّلَتِ الرَّكِيَّةُ: تَهَدَّمَتْ " انتهى. فقد أطلق أنها الجماعة من غيرِ قَيْدٍ بقِلَّة ولا كثرةٍ، والكثرةُ التي فهمها الزمخشريُّ قد تكونُ من السِّياق. و " مِنْ الأوَّلِين " صفةٌ لثُلَّة، وكذلك " مِنْ الآخِرين " صفةٌ لقليل.