الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ }

قوله: { وَلاَ تُخْسِرُواْ }: العامَّةُ على ضَمِّ التاءِ وكسرِ السينِ مِنْ أَخْسَرَ، أي: نَقَصَ كقولِه:وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } وقرأ زيد بن علي وبلال بن أبي بردة بفتح التاءِ وكسرِ السين فيكون فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً. يقال: خَسِر الميزانَ وأخسَره، بمعنىً واحدٍ نحو: جَبَر وأَجْبَر. ونقل أبو الفتح وأبو الفضل عن بلال فتحَ التاءِ والسينِ. وفيها وجهان، أحدُهما: أنه على حَذْفِ حرفِ الجر تقديره: ولا تَخْسَروا في الميزان. ذكره الزمخشري وأبو البقاء: إلاَّ أنَّ الشيخَ قال: " لا حاجةَ إلى ذلك؛ لأنَّ " خَسِرَ " جاء متعدياً. قال تعالى: َخَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } [الأنعام: 12]. وخَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةَ } [الحج: 11]. قلت: وهذا ليس مِنْ ذاك. ألا ترى أنّ { خَسِروا أنفسَهم } { وخَسِر الدنيا والآخرةَ } معناه: أنَّ الخُسْران واقعٌ بهما، وأنَّهما معدومان. وهذا المعنى ليس مُراداً في الآيةِ قطعاً، وإنما المرادُ: لا تُخْسِروا الموزونَ في الميزان. وقُرِىء " تَخْسُروا " بفتح التاء وضمِّ السينِ. قال الزمخشري: " وقُرِىء ولا تَخْسروا بفتح التاء وضم السين وكسرِها وفتحِها. يقال: خَسِر الميزانَ يَخْسِره ويَخْسُره. وأمَّا الفتحُ: فعلى أنَّ الأصلَ " في الميزان " فحذف الجارَّ ووصلَ الفعلَ إليه " وكَرَّر لفظ الميزان، ولم يُضْمِرْه في الجملتَيْن بعده تقويةً لشَأْنِه وهذا كقولِه:
4170ـ لا أَرى الموتَ يَسْبِقُ الموتَ شيءٌ   نَغَّصَ الموتُ ذا الغِنى والفقيرا