الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ }

قوله: { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ }: جوابُه مقدرٌ أي: رأيت هَوْلاً عظيماً، أو كان ما كان.

قوله: { وَرْدَةً } أي: مثلَ وَرْدَةٍ فقيل: هي الزهرة المعروفة التي تُشَمُّ، شَبَّهها بها في الحُمْرة، وأنشد:
4181ـ فلو كُنْتُ وَرْداً لَوْنُه لعَشِقْنَني   ولكنَّ ربي شانَني بسَواديا
وقيل: هي من لَوْنِ الفَرَسِ الوَرْد، وإنما أُنِّثَ لكونِ السماءِ مؤنثةً. وقال الفراء: " أراد لونَ الفرسِ الوَرْدِ، يكون في الربيع إلى الصفرة، وفي الشتاء إلى الحُمْرة، وفي اشتدادِ البَرْدِ إلى الغُبْرة، فشبَّه تلوُّنَ السماءِ بتلَوُّنِ الوَرْدَةِ من الخيل ". وقرأ عبيد بن عمير " وَرْدَةٌ " بالرفع. قال الزمخشري: " بمعنى: فَحَصَلَتْ سماءٌ وردةٌ، وهو من الكلام الذي يُسَمَّى التجريدَ، كقوله:
4182ـ فَلَئِنْ بَقِيْتُ لأَرْحَلَنَّ بِغَزْوةٍ   تَحْوِي الغنائمَ أو يموتَُ كريمُ
قوله: { كَٱلدِّهَانِ } يجوز أن يكونَ خبراً ثانياً، وأَنْ يكونَ نعتاً لوردة. وأَنْ يكونَ حالاً من اسم " كانت ". وفي " الدِّهان " قولان، أحدُهما: أنه جمعُ دُهْن نحو: قُرْط وقِراط، ورُمْح ورِماح، وهو في معنى قوله:يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } [المعارج: 8].

وهو دُرْدِيُّ الزَّيْتِ. والثاني: أنه اسمٌ مفردٌ، فقال الزمخشري: " اسمُ ما يُدْهَنُ به كالجِزام والإِدام وأنشد:
4183ـ كأنَّهما مَزادَتا مُتَعَجِّلٍ   فَرِيَّانِ لَمَّا تُدْهَنا بدِهان
/ وقال غيرُه: هو الأديمُ الأحمرُ، وأنشد للأعشى:
4184ـ وأَجْرَدَ مِنْ كِرامِ الخَيْلِ طِرْفٍ   كأنَّ على شَواكِله دِهانا
أي: أديماً أحمرَ، وهذا يَحْتمل أنْ يكونَ جمعاً. ويؤيِّده ما أنشده منذرُ بنُ سعيد:
4185ـ يَبِعْنَ الدِّهانَ الحُمْرَ كلَّ عَشِيَّةٍ   بموسِمِ بَدْرٍ أو بسُوْقِ عُكاظِ
فقوله " الحُمْرَ " يؤيِّدُ كونَه جمعاً، وقد يُقال: هو كقولِهم: " أهلك الناسَ الدينارُ الحُمْرُ والدرهمُ البِيْضُ " ، إلاَّ أنَّه خِلافُ الأصلِ. وقيل: شُبِّهَتْ بالدِّهانِ، وهو الزَيْتُ لذَوْبِها ودَوَرانِها، وقيل: لبَريقِها.