قوله: { ٱلْجَوَارِ }: العامَّة على كسرِ الراء لأنه منقوصٌ على مَفاعِل، والياءُ محذوفةٌ لفظاً لالتقاءِ الساكنين. وقرأ عبد الله والحسن ـ وتُروَى عن أبي عمروٍ ـ " الجَوارُ " برفع الراء تناسياً للمحذوف ومنه:
4173ـ لها ثنايا أربعٌ حِسانُ
وأربعٌ فثَغْرُها ثَمانُ
وهذا كما قالوا: " هذا شاكٌ " وقد تقدَّم تقريرُ هذا في الأعراف عند قولِه:{ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [الأعراف: 41]. قوله: { ٱلْمُنشَئَاتُ } قرأ حمزةُ وأبو بكر بخلافٍ عنه بكسرِ الشينِ بمعنى: أنها تُنْشِىءُ الموجَ بجَرْيِها، أو تُنْشِىء السيرَ إقبالاً وإدباراً، أو التي رَفَعَتْ شُرُعَها أي: قِلاعَها. والشِّراع: القِلْع. وعن مجاهد: كلما رَفَعتْ قِلْعَها فهي من المُنْشَآت، وإلاَّ فليسَتْ منها. ونسبةُ الرَّفْع إليها مجازٌ كما يقال: أنْشَأتِ السحابةُ المطرَ. والباقون بالفتح وهو اسمُ مفعول أي: أنشأها اللَّهُ أو الناسُ، أو رفعوا شُرُعَها. وقرأ ابن أبي عبلة " المُنَشَّآت " بتشديد الشين مبالغةً. والحسنُ " المُنْشات " بالإِفراد، وإبدالِ الهمزة ألفاً وتاءٍ مجذوبة خَطَّاً فأْفَردَ الصفةَ ثقةً بإفهام الموصوف الجمعيةَ، كقولِه{ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } [البقرة: 25] وأمَّا إبدالُه الهمزةَ ألفاً، وإن كان قياسُها بينَ بينَ فمبالَغَةٌ في التخفيف، كقوله:
4174ـ إنَّ السِّباعَ لَتَهْدَا في مَرابِضِها
.............................
أي: لتهدَأ. وأمَّا كَتْبُها بالتاءِ المجذوبة فإتباعاً للفظها في الوصلِ. و " في البحر " متعلقٌ بالمُنْشِئات أو المنشَآت. ورسمُه بالياء بعد الشين في مصاحفِ العراقِ يُقَوِّي قراءةَ الكسرِ ورَسْمُه بدونِها يُقَوِّي قراءةَ الفتح، وحَذَفُوا الألفَ كا تُحْذَفُ في سائر جمع المؤنث السالم. و " كالأَعْلام " حالٌ: إمَّا من الضميرِ المستكنِّ في " المُنْشَآت " ، وإمَّا مِنْ " الجوار " وكلاهما بمعنىً واحد. والأَعلام: الجبالُ جمعُ عَلَم. قال: