الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ }

قوله: { إِنْ هِيَ }: في " هي " وجهان، أحدهما: أنها ضميرٌ للأصنام أي: وما هي إلاَّ أسماءٌ ليس تحتها في الحقيقة مُسَمَّياتٌ في الحقيقة لأنكم تَدَّعُوْن الإِلهية لِما هو أبعدُ شيءٍ منها وأشدُّ منافاةً لها، كقوله:مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ } [يوسف: 40]. والثاني: أن تكونَ ضميرَ الأسماءِ، وهي اللاتُ والعُزَّى ومَناة، وهم يَقْصِدُون بها أسماءَ الآلهة، يعني: وما هذه الأسماءُ إلاَّ أسماءٌ سَمَّيْتموها بهواكم وشهواتِكم ليس لكم على صحةِ تَسْمِيَتِها بُرْهانٌ تتعلَّقون به، قاله الزمخشري. وقال أبو البقاء: " أسماء " يجب أن يكون المعنى: ذواتُ أسماءٍ: لقوله " سَمَّيْتُموها " لأنَّ الاسمَ لا يُسَمَّى ".

قوله: { إِن يَتَّبِعُونَ } العامَّةُ على الغَيْبة التفاتاً من خطابهم إلى الغيبة عنهم تحقيراً لهم. وقرأ عبد الله/ وابن عباس وطلحة وعيسى بن عمر وابن وثاب بالخطاب، وهو حسنٌ موافِقٌ.

قوله: { وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ } نَسَقٌ على الظنِّ، و " ما " مصدريةٌ، أو بمعنى الذي.

قوله: { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً من فاعلِ " يَتَّبعون " أي: يَتَّبعون الظنَّ وهَوَى النفس في حالِ تنافي ذلك وهي مجيْءُ الهدى مِنْ عند ربِّهم. ويجوزُ أَنْ يكونَ اعتراضاً فإنَّ قولَه: " أم للإِنسان " متصلٌ بقولِه: { وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ } وهي أم المنقطعةُ فتتقدَّر بـ بل والهمزةِ على الصحيح. قال الزمخشري: " ومعنى الهمزةِ فيها الإِنكارُ أي: ليس للإنسانِ ما تَمَنَّى ".