الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ }

قوله: { أَمْ يَقُولُونَ }: قال الثعلبي: " قال الخليل: كلُّ ما في سورة الطور/ مِنْ " أم " فاستفهامٌ وليس بعطفٍ ". وقال أبو البقاء: " أم في هذه الآياتِ منقطعةٌ ". قلت: وتقدَّم لك الخلافُ في المنقطعةِ: هل تتقدَّرُ بـ بل وحدَها، أو بـ بل والهمزةِ، أو بالهمزةِ وحدَها، والصحيحُ الثاني. وقال مجاهد في قوله: " أم تأمرهم " تقديره: بل تأمرهم. وقرأ { بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونُ } بدلَ " أم هم ".

قوله: { نَّتَرَبَّصُ } في موضعِ رفعٍ صفةً لشاعر. والعامَّةُ على " نتربَّصُ " بإسنادِ الفعل لجماعة المتكلمين " ريبَ " بالنصب. وزيدُ بن علي " يتربَّص " بالياء مِنْ تحتُ على البناء للمفعولِ " ريبُ " بالرفع. وريبُ المنونِ: حوادثُ الدهرِ وتقلُّباتُ الزمانِ لأنها لا تدوم على حالٍ كالرَّيْبِ وهو الشَّكُّ، فإنه لا يبقى، بل هو متزلزِلٌ قال الشاعر:
4118ـ تَرَبَّصْ بها رَيْبَ المنونِ لَعَلَّها   تُطَلَّقُ يوماً أو يموتُ حليلُها
وقال أبو ذُؤَيْب:
4119ـ أمِن المَنونِ ورَيْبِه تتَوَجَّعُ   والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
والمنون في الأصل: الدهرُ. وقال الراغب: " المنون المنيَّة، لأنها تَنْقُصُ العددَ وتَقْطَعُ المَدَدَ " ، وجَعَل مِنْ ذلك قولَ:أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [فصلت: 8] أي: غيرُ مقطوع. وقال الزمخشري: " وهو في الأصلِ فَعُول مِنْ منَّه إذا قطعه لأنَّ الموتَ قَطوعٌ ولذلك سُمِّيت شَعُوب ". و " ريبَ " مفعولٌ به أي: نَنْتَظِرُ به حوادثَ الدهرِ أو المنيَّة.