الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله: { كُلُواْ }: على إضمارِ القولِ كقوله: " هذه النار " وشَتَّان ما بين القَوْلين.

قوله: { هَنِيئَاً } قد تقدَّم القولُ فيه وفي " مريئاً " مُشْبَعاً في النساء. وقال الزمخشري هنا: " يُقال لهم: كُلوا واشربوا أَكْلاً وشُرْباً هنيئاً، أو طعاماً وشَراباً هَنيئاً، وهو الذي لا تَنْغيصَ فيه. ويجوز أَنْ يكونَ مثلُه في قوله:
4116ـ هَنِيئاً مَرِيئاً غيرَ داءٍ مُخامِرٍ   لِعَزَّةَ من أعراضِنا ما اسْتَحلَّتِ
أعني صفةً اسْتُعْمِلَتْ استعمالَ المصدرِ القائم مقامَ الفعلِ مرتفعاً به " ما استحلَّت " كما يرتفع بالفعلِ كأنه قيل: هَنَأ عَزَّةَ المُسْتَحَلُّ من أعراضنا، وكذلك معنى " هنيئاً " هنا: هَنَأَكم الأكلُ والشربُ، أو هَنَأَكم ما كنتم تعملون، أي: جزاءُ ما كنتم تعملون، والباء مزيدةٌ كما فيوَكَفَىٰ بِٱللَّهِ } [النساء: 45] والباءُ متعلقةٌ بـ " كلوا واشربوا " إذا جَعَلْتَ الفاعلَ الأكلَ والشربَ ". قلت: وهذا مِنْ محاسنِ كلامِه.

قال الشيخ: " أمَّا تجويزُه زيادةَ الباءِ فليسَتْ بمقيسةٍ في الفاعل إلاَّ في فاعلِ كفى على خلافٍ فيها، فتجويزُها هنا لا يَسُوغُ. وأمَّا قولُه: إنها تتعلَّقُ بـ " كُلوا واشربوا " فلا يَصِحُّ إلاَّ على الإِعمال فهي تتعلَّقُ بأحدهما ". انتى وهذا قريبٌ.