الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }

وقوله تعالى: { وَلَوْ كَانُوا }: الظاهرُ أنَّ اسم " كان " وفاعل " اتخذوهم " عائدٌ على " كثيراً " من قوله: { تَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ } والضميرُ المنصوب في " اتِّخذوهم " يعودُ على " الذين كفروا " في قوله: { يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وأجاز القفال أن يكون اسمُ " كان " يعودُ على " الذين كفروا " وكذلك الضميرُ المنصوبُ في " اتِّخذوهم " والضميرُ المرفوعُ في " اتخذوهم " يعودُ على اليهودِ، والمرادُ بالنبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم، والتقدير: ولو كان الكافرون المُتَوَلِّون مؤمنين بمحمد والقرآن ما اتخذهم هؤلاء اليهود أولياءَ، والأولُ أَوْلى لأن الحديثَ عن كثيرٍ لا عن المتولَّيْن، وجاء الجواب " لو " هنا على الأفصح وهو عدمُ دخولِ اللام عليه لكونه منفياً، ومثله قول الآخر:
1789- لو أنَّ بالعلمِ تُعْطَى ما تعيشُ به   لَمَا ظَفِرْت من الدنيا بثُفْرُوْقِ
و " ترى " يجوز أَنْ تكونَ مِنْ رؤية البصر، ويكونُ المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تكونَ العِلْمية، والكثيرُ على هذا أَسْلافُهم، فمعنى " تَرى " تَعْلَمُ أخبارَهم وقصصهم بإخبارِنا إياك، فعلى الأول يكون قولُه " يَتَولَّون " في محلِّ نصب على الحال، وعلى الثاني يكون في محلِّ نصبٍ على المفعول الثاني: وقولُه: { وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ } هذا الاستدراكُ واضحٌ بما تقدَّم. وقولُه: " كثيراً " هو من إقامةِ الظاهر مُقامَ المضمرِ لأنه عبارةٌ عن " كثيراً منهم " المتقدِّمِ، فكأنه قيل: ترى كثيراً منهم ولكنَّ ذلك الكثيرَ، ولا يريدُ: ولكنَّ كثيراً من ذلك الكثيرِ فاسقون.