الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

قوله تعالى: { لَوْ أَنَّ لَهُمْ }: قد تقدَّم الكلامُ على " أنَّ " الواقعة بعد " لو " وأنَّ فيها مذهبين، و " لهم " خبر لـ " أَنَّ " و " ما في الأرض " اسمُها، " وجميعاً " توكيد له أو حالٌ منه. و " مثلَه " في نصبِه وجهان، أحدُهما: أنه عطفٌ على اسم " أنَّ " وهو " ما " الموصولة. والثاني: أنه منصوبٌ على المعية وهو رَأْيُ الزمخشري وسيأتي ما يَرِدُ على ذلك والجوابُ عنه. و " معه " ظرفٌ موقعَ الحال، واللام في " ليفتدوا " متعلقة بالاستقرار الذي تعلق به الخبر وهو " لهم " و " به " و " مِنْ عذاب " متعلِّقان بالافتداءِ، والضميرُ في " به " عائدٌ على " ما " الموصولة، وجيء بالضمير مفرداً وإنْ تقدَّمه شيئان وهما: " ما في الأرض " و " مثلَه " إمَّا لتلازُمِهما، فهما في حكمٍ شيء واحد، وإمَّا لأنه حذف من الثاني لدلالةِ ما في الأول عليه كقولهِ:
1722-....................   فإني وقَيَّارٌ بها لَغَريبُ
أي: لو أنَّ لهم ما في الأرض ليفتدوا به ومثله معه ليفتدوا به، وإمَّا لإِجراء الضمير مُجْرى اسم الإِشارة كقوله:
1723- كأنَّه الجِلْدِ................   
وقد تقدَّم في البقرة. و " عذاب " بمعنى تعذيب، وبإضافته إلى " يوم " خَرج " يوم " عن الظرفية. و " ما " نافيةٌ، وهي جوابُ " لو " / وجاء على الأكثر من كونِ الجوابِ المنفيِّ بغير لام، والجملةُ الامتناعية في محل رفعٍ خبراً لـ " إنَّ ".

وجَعَل الزمخشري توحيدَ الضيمرِ في " به " لمَدْركٍ آخرَ، وهو أن الواوَ في " ومثلَه " واوُ " مع " ، قال بعد أن ذكر الوجهين المتقدمين: " ويجوز أن تكونَ الواوُ في " ومثلَه " بمعنى " مع " فيتوحَّد المرجوع إليه. فإن قلت: فبِمَ يُنْصَبُ المفعول معه؟ قلت: بما تستدعيه " لو " من الفعل، لأن التقدير: لو ثبت أن لهم ما في الأرض " يعني أن حكمَ ما قبل المفعول معه في الخبر والحالِ وعودِ الضمير حكمُ لو لم يكن بعده مفعولٌ معه، تقول: " كنتُ وزيداً كالأخ " قال:
1724- وكان وإيَّاها كحَرًَّان لم يُفِقْ   عن الماءِ إذ لاقَاه حتى تَقَدَّدا
فقال: " كحَرَّان " بالإِفراد، ولم يَقُلْ " كحرَّانَيْنِ " وتقول: " جاء زيد وهنداً ضاحكاً في داره " وقد أجاز الأخفش أن يُعْطَى حكمَ المتعاطفين، يعني فيطابقُ الخبرَ، والحالُ والضميرُ له ولما بعده، فتقول: " كنتُ وزيداً كالأخوين ". قال بعضُهم: " والصحيحُ جوازُه على قلة ".

السابقالتالي
2 3