الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله: { وَلَمْ يَعْيَ }: العامَّةُ على سكونِ العينِ وفتحِ الياءِ مضارعَ عَيِيَ بالكسر يَعْيا بالفتحِ، فلمَّا دَخَلَ الجازمُ حَذَفَ الألفَ. وقرأ الحسن " يَعِيْ " بكسر العين وسكون الياءِ. قالوا: وأصلُها عَيِيَ بالكسرِ، فجعلَ الكسرةَ فتحةً على لغةِ طَيِّئ فصارَ " عَيا " كما قالوا في بَقِيَ: بَقَا. ولَمَّا بُني الماضي على فَعَلَ بالفتح جاء بمضارعِه على يَفْعِل بالكسرِ، فصار يَعْيِي مثل: يَرْمي. فلمَّا دَخَلَ الجازمُ حَذَفَ الياءَ الثانيةَ فصار " لم يَعْيِ " بعين ساكنة وياء مكسورة ثم نَقَلَ حركةَ الياءِ إلى العينِ فصار اللفظُ كما ترى. وقد تَقَدَّم أن عَيِيَ وحَيِي فيهما لغتان: الفكُّ والإِدغامُ، فأمَّا " حِيِي " فتقدَّمَ في الأنفال. وعَيَّ فكقولِه:
4049 ـ عَيُّوا بأَمْرِهِمُ كما   عَيَّتْ ببَيْضَتِها الحمَامَهْ
والعِيُّ: عَدَمُ الاهتداءِ إلى جهةٍ. ومنه العِيُّ في الكلامِ، وعيِيَ بالأمرِ: إذا لم يَهْتَدِ لوَجْهه.

قوله: " بقادرٍ " الباءُ زائدةٌ. وحَسَّنَ زيادتَها كونُ الكلامِ في قوةِ " أليسَ اللَّهُ بقادرٍ " وقاس الزجَّاجُ " ما ظَنَنْتُ أنَّ أحداً بقائمٍ " عليها، والصحيحُ التوقُّفُ. وقرأ عيسى وزيد بن علي والجحدريُّ " يَقْدِرُ " مضارعَ قَدَرَ، والرسمُ يَحْتملُه. وقوله: " بلى " إيجابٌ لِما تضمَّنَه الكلامُ مِن النفي في قولِه: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ }.