الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }

قوله: { أُفٍّ }: قد تقدَّم الكلامُ على " أُفّ " مستوفى و " لكما " بيانٌ أي: التأفيفُ لكما نحو:هَيْتَ } [يوسف: 23].

قوله: " أَتَعِدانِني " العامَّةُ على نونَيْن مكسورتَيْن: الأولى للرفع والثانية للوقاية، وهشام بالإِدغام، ونافع في روايةٍ بنونٍ واحدة. وهذه مُشَبَّهةٌ بقوله:تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ } [الزمر: 64]. وقرأ الحسن وشيبة وأبو جعفر وعبد الوارث عن أبي عمروٍ بفتح النونِ الأولى، كأنَّهم فَرُّوا مِنْ توالي مِثْلَيْنِ مكسورَيْن بعدهما ياءٌ. وقال أبو البقاء: " وهي لغةٌ شاذَّةٌ في فتح نون الاثنين " قلت: إنْ عَنَى نونَ الاثنين في الأسماءِ نحو قولِه:
4041 ـ على أَحْوَذِيَّيْنَ اسْتَقَلَّتْ.....   ............................
فليس هذا منه. وإن عَنَى في الفعلِ فلم يَثْبُتْ ذلك لغةً، وإنَّما الفتحُ هنا لِما ذكَرْتُ.

قوله: " أَنْ أُخْرَجَ " هو الموعودُ به، فيجوزُ أَنْ تُقَدِّرَ الباءَ قبل " أَنْ " وأَنْ لا تُقَدِّرَها.

قوله: " وقد خَلَتْ " جملةٌ حاليةٌ. وكذلك { وَهُمَا يَسْتَغثِيَانِ ٱللَّهَ } أي: يَسْألان اللَّهَ. واستغاث يتعدَّى بنفسِه تارةً وبالباء أخرى، وإن كان ابنُ مالكٍ زعمَ أنَّه متعدٍّ بنفسِه فقط، وعابَ قولَ النحاةِ " مستغاث به " قلت: لكنه لم يَرِدْ في القرآن إلاَّ متعدَّياً بنفسِه:إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } [الأنفال: 9]فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي } [القصص: 15]وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ } [الكهف: 29] قوله: " وَيْلَكَ " منصوبٌ على المصدرِ بفعلٍ مُلاقٍ له في المعنى دونَ الاشتقاقِ. ومثله: وَيْحَه ووَيْسَه ووَيْبَه، وإمَّا على المفعولِ به بتقدير: ألزمَك الله وَيْلَكَ. وعلى كلا التقديرَيْن الجملةُ معمولةٌ لقولٍ مقدرٍ أي: يقولان وَيْلَكَ آمِنْ. والقولُ في محلِّ نصب على الحال أي: يَسْتغيثان اللَّهَ قائلين ذلك.

قوله: { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } العامةُ على كسرِ " إنَّ " / استئنافاً أو تعليلاً. وقرأ عمرو بن فائد والأعرج بفتحِها على أنها معمولةٌ لـ آمِنْ على حَذْفِ الباءِ أي: آمِنْ بأنَّ وَعْدَ اللَّهِ حقٌّ.