الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ }

قوله: { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي }: فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنه استثناءٌ منقطع؛ لأنَّهم كانوا عبدةَ أصنامٍ فقط. والثاني: أنه متصلٌ؛ لأنه رُوِي أنهم كانوا يُشْرِكون مع الباري غيرَه.

الثالث: أَنْ يكونَ مجروراً بدلاً مِنْ " ما " الموصولة في قولِه: " ممَّا تعبدُون " قاله الزمخشريُّ. ورَدَّه الشيخ: بأنه لا يجوزُ إلاَّ في نفيٍ أو شبهه قال: " وغَرَّه كونُ براء في معنى النفي، ولا ينفعه ذلك لأنه موجَبٌ ". قلت: قد تأوَّل النحاةُ ذلك في مواضعَ من القرآن كقولِه تعالى:وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ } [التوبة: 32]وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَاشِعِينَ } [البقرة: 45] والاستثناء المفرغُ لا يكونُ في إيجاب، ولكن لَمَّا كان " يأبى " بمعنى: لا يفعلُ، وإنها لكبيرة بمعنى: لا تَسْهُلُ ولا تَخِفُّ ساغ ذلك، فهذا مثلُه.

الرابع: أَنْ تكونَ " إلاَّ " صفةً بمعنى " غير " على أن تكونَ " ما " نكرةً موصوفةً، قاله الزمخشريُّ قال الشيخ: " وإنما أخرجها في هذا الوجهِ عن كونِها موصولةً؛ لأنَّه يرى أنَّ " إلاَّ " بمعنى " غير " لا يُوْصَفُ بها إلاَّ النكرة " وفيها خلافٌ. فعلى هذا يجوزُ أَنْ تكونَ " ما " موصولةً و " إلاَّ " بمعنى " غير " صفةً لها.