الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ }

قوله: { ٱلْجَوَارِ }: أي: السفنُ الجوارِي. فإن قلت: الصفةُ متى لم تكن خاصَّةً بموصوفِها امتنع حَذْفُ الموصوفِ. لا تقولُ: مررتُ بماشٍ؛ لأنَّ المَشْيَ عامٌّ. وتقول: مررتُ بمهندسٍ وكاتبٍ، والجَرْيُ ليس من الصفاتِ الخاصةِ فما وجهُ ذلك؟ فالجوابُ:/ أنَّ قولَه: " في البحر " قرينةٌ دالَّةٌ على الموصوفِ. ويجوزُ أَنْ تكونَ هذه صفةً غالبةً كالأَبْطَح والأَبْرَق، فَوَلِيَتِ العواملَ دونَ موصوفِها.

و " في البحر " متعلقٌ بـ " الجوَاري " إذا لم يَجْرِ مَجْرى الجوامدِ. فإنْ جَرَى مَجْراه كان حالاً منه، وكذا قولُه: " كالأَعْلام " هو حالٌ أي: مُشْبهةً بالأعلام - وهي الجبالُ - كقول الخنساء:
3975 ـ وإنَّ صَخْراً لَتَأْتَمُّ الهُداةُ به   كأنَّه عَلَمٌ في رأسِه نارُ
وسُمِع: هذه الجَوارُ، وركبْتُ الجوارَ، وفي الجوارِ، بالإِعراب على الراءِ تناسياً للمحذوفِ. وقد تقدَّم هذا في قولِه:وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [الأعراف: 41] في الأعراف.