الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }

قوله: { وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ }: في " لا " هذه وجهان، أحدهما، أنها زائدةٌ للتوكيدِ، كقوله:وَلاَ ٱلظِّلُّ وَلاَ ٱلْحَرُورُ } [فاطر: 21] وكقوله:وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ } [غافر: 58]؛ لأنَّ " استوى " لا يكتفي بواحدٍ. والثاني: أنها مؤسِّسَةٌ غيرُ مؤكِّدةٍ، إذ المرادُ بالحسنةِ والسَّيئةِ الجنسُ أي: لا تَسْتوي الحسناتُ في أنفسِها، فإنها متفاوتةٌ ولا تستوي السيئاتُ أيضاً فرُبَّ واحدةٍ أعظمُ مِنْ أخرى، وهو مأخوذٌ من كلامِ الزمخشري. وقال الشيخُ: " فإنْ أَخَذْتَ الحسنةَ والسيئةَ جنساً لم تكنْ زيادتُها كزيادتِها في الوجهِ الذي قبلَ هذا ". قلت: فقد جَعَلها في المعنى الثاني زائدةً. وفيه نظرٌ لِما تَقَدَّم.

قوله: " كأنَّه وليٌّ " في هذه الجملةِ التشبيهيةِ وجهان، أحدُهما: أنَّها في محلِّ نصبٍ على الحال، والموصولُ مبتدأٌ، و " إذا " التي للمفاجأةِ خبرُه. والعاملُ في هذا الظرفِ من الاستقرارِ هو العاملُ في هذه الحالِ، ومَحَطُّ الفائدةِ في هذا الكلامِ هي الحالُ، والتقدير: فبالحضرة المُعادي مُشْبِهاً القريبَ الشَّفوقَ. والثاني: أن الموصولَ مبتدأٌ أيضاً، والجملةُ بعده خبرُه، و " إذا " معمولةٌ لمعنى التشبيه، والظرفُ يتقدَّمُ على عامِله المعنويِّ. هذا إن قيل: إنها ظرفٌ، وإن قيل: إنها حرف فلا عاملَ.