الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ }

قوله: { فَأَيَّ آيَاتِ ٱللَّهِ }: منصوبٌ بـ " تُنْكِرون " وقُدِّمَ وجوباً؛ لأنَّ له صَدْرَ الكلامِ. قال مكي: " ولو كان مع الفعلِ هاءٌ لكان الاختيارُ الرفعَ في " أي " بخلافِ ألفِ الاستفهامِ تَدْخُلُ على الاسمِ، وبعدها فعلٌ واقعٌ على ضميرِ الاسمِ، فالاختيارُ النصبُ نحو قولِك: أزيداً ضَرَبْتُه، هذا مذهبُ سيبويهِ فرَّقَ بين الألفِ وبين أيّ " قلت: يعني أنَّك إذا قلتَ: " أيُّهم ضربْتَه " كان الاختيارُ الرفعَ لأنه لا يُحْوِج إلى إضمارٍ، مع أنَّ الاستفهامَ موجودٌ في " أزيداً ضربْتُه " يُختار النصبُ لأجلِ الاستفهامِ فكان مُقْتضاه اختيارَ النصبِ أيضاً، فيما إذا كان الاستفهامُ بنفس الاسمِ. والفرقُ عَسِرٌ. وقال الزمخشري: " فأيَّ آياتِ جاءتْ على اللغةِ المستفيضةِ. وقولك: " فأيةَ آياتِ اللَّهِ " قليلٌ؛ لأنَّ التفرقةَ بين المذكرِ والمؤنثِ في الأسماءِ غير الصفاتِ نحو: حِمار وحِمارة غريبٌ، وهو في " أَيّ " أغربُ لإِبهامِه ". قال الشيخ: " ومِنْ قِلَّةِ تأنيثِ " أيّ " قولُه:
3945 ـ بأيِّ كتابٍ أم بأيةِ سُنَّةٍ   ترى حُبَّهم عاراً عليَّ وتَحْسَبُ
قوله: " وهو في أيّ أغربُ " إنْ عنى " أيًّا " على الإِطلاق فليس بصحيحٍ، لأنَّ المستفيضَ في النداء أَنْ يُؤَنَّثَ في نداء المؤنث كقولِه تعالى:يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } [الفجر: 27] ولا نعلَمُ أحداً ذكر تَذْكيرها فيه، فيقولُ: يا أيُّها المرأة، إلاَّ صاحبَ " البديع في النحو " ، وإنْ عنى غيرَ المناداةِ فكلامُه صحيحٌ يَقِلُّ تأنيثها في الاستفهامِ وموصولةً وشرطيةً ". قلت: وأمَّا إذا وقعَتْ صفةً لنكرةٍ وحالاً لمعرفةٍ، فالذي ينبغي أَنْ يجوزَ الوجهان كالموصولةِ، ويكون التأنيثُ أقلَّ نحو: " مررتُ بامرأةٍ أيةِ امرأة " و " جاءَتْ هندٌ أيةَ امرأةٍ " ، وكان ينبغي للشيخِ أن ينبِّهَ على هذين الفرعَيْنِ.