الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }

قوله: { ٱلنَّارُ }: الجمهورُ على رفعِها. وفيه ثلاثة أوجه، أحدُها: أنه بدلٌ مِنْ " سوءُ العذاب ". الثاني: أنها خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: هو أي سوءُ العذابِ النارُ؛ لأنه جوابٌ لسؤالٍ مقدرٍ و " يُعْرَضُون " على هذين الوجهين: يجوز أَنْ يكون حالاً من " النار " ويجوز أن يكونَ حالاً من " آل فرعون ". الثالث: أنه مبتدأٌ، وخبرُه " يُعْرَضون ". وقُرئ " النارَ " منصوباً. وفيه وجهان، أحدهما: أنه منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ يُفَسِّره " يُعْرَضون " من حيث المعنى أي: يَصْلَوْن النارَ يُعْرَضون عليها، كقوله:وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ } [الإنسان: 31]. والثاني: أَنْ ينتصبَ على الاختصاص. قاله الزمخشري، فعلى الأولِ لا مَحَلَّ لـ " يُعْرَضُون " لكونِه مفسِّراً، وعلى الثاني هو حالٌ كما تقدَّمَ.

قوله: " ويومَ تقومُ " فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أظهرها: أنه معمولٌ لقولٍ مضمرٍ، وذلك القولُ المضمرُ محكيٌّ به الجملةُ الأمريَّةُ من قوله " أدخِلوا " والتقدير: ويُقال له/ يومَ تقومُ الساعةُ: أدْخِلوا. الثاني: أنه منصوبٌ بأَدخِلوا أي: أدْخِلوا يومَ تقومُ. وعلى هذين الوجهين فالوقفُ تامٌّ على قوله " وعَشِيَّاً ". والثالث: أنه معطوفٌ على الظرفَيْن قبلَه، فيكونُ معمولاً لـ " يُعْرَضُون ". فالوقفُ على هذا على قولِه " الساعة " و " أَدْخِلوا " معمولٌ لقولٍ مضمرٍ أي: يُقال لهم كذا وكذا. وقرأ الكسائي وحمزة ونافع وحفص " أدْخِلُوا " بقطع الهمزةِ أمراً مِنْ أَدْخَلَ، فآلَ فرعون مفعولٌ أولُ، و " أشدَّ العذاب " مفعولٌ ثانٍ. والباقون " ادْخُلوا " بهمزةِ وصلٍ مِنْ دَخَلَ يَدْخُلُ. فآلَ فرعونَ منادى حُذِف حرفُ النداءِ منه، و " أشدَّ " منصوبٌ به: إمَّا ظرفاً، وإمّا مفعولاً به، أي: ادخلوا يا آل فرعونَ في أشدِّ العذاب.