قوله تعالى: { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }: متعلق بمحذوف لأنه حال، وفي صاحبها وجهان، أحدهما: أنه القاعدون، فالعامل في الحال في الحقيقة يستوي، والثاني: أنه الضمير المستكنُّ في " القاعدون " لأن " أل " بمعنى الذي، أي: الذين قعدوا في هذه الحال، ويجوز أن تكون " مِنْ " للبيان. قوله { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وعاصم " غير " بالرفع، والباقون بالنصب، والأعمش بالجر. والرفع من وجهين، أظهرهما: أنه على البدل من " القاعدون " وإنما كان هذا أظهرَ لأن الكلام نفي، والبدلُ معه أرجحُ لِما قُرِّر في عمل النحو. والثاني: أنه رفع على الصفة لـ " القاعدون " ، ولا بد من تأويل ذلك لأن " غير " لا تتعَرَّفُ بالإِضافة، ولا يجوز اختلافُ النعت والمنعوت تعريفاً وتنكيراً، وتأويله: إمَّا بأن القاعدين لَمَّا لم يكونوا ناساً بأعيانهم بل أُريد بهم الجنسُ أَشْبَهوا النكرة فَوُصِفوا كما توصف، وإمَّا بأن " غير " قد تتعرَّف إذا وقعت بين ضدَّين، وهذا كله كما تقدم في إعراب{ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } [الفاتحة: 7] في أحد الأوجه، وهذا كلُّه خروج عن الأصول المقررة فلذلك اخترت الأول، ومثله:
1641- وإذا اُقْرِضْتَ قَرْضاً فاجْزِهِ
إنما يَجْزي الفتى غيرُ الجَمَلْ
برفع " غير " كذا ذكره أبو علي، والراوية " ليس الجمل " عند غيره. والنصبُ على أحد ثلاثة أوجه، الأول: النصبُ على الاستثناء من " القاعدون " وهو الأظهرُ لأنه المحدَّثُ عنه. والثاني: من " المؤمنين " وليس بواضحِ، والثالث: على الحال من " القاعدون " والجرُّ على الصفة للمؤمنين، وتأويلُه كما تقدم في وجه الرفع على الصفة. وقوله: { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ } كِلا الجارَّيْن متعلقٌ بـ " المجاهدون " و " المجاهدون " عطف على " القاعدون " قوله: { دَرَجَةً } فيها أربعة أوجه، أحدها: أنها منصوبة على المصدر لوقوع " درجة " موقعَ المَرَّة من التفضيل كأنه قيل: فَضَّلهم تفضيلةً نحو: " ضربته سوطاً " الثاني: أنها حال من " المجاهدين " أي: ذوي درجة. الثالث: أنها منصوبة انتصابَ الظرف أي: في درجة ومنزلة. الرابع: انتصابها على إسقاط الخافض أي: بدرجة. قوله: { وَكُـلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } " كلاً " مفعول أول لـ " وعد " مقدماً عليه، و " الحسنى " مفعول ثان. وقرئ: " وكلُّ " على الرفع بالابتداء، والجملة بعده خبره، والعائد محذوف أي: وعده، وهذه كقراءة ابن عامر في سورة الحديد{ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } [الآية: 10]. قوله " أجراً " في نصب أربعة أوجه، أحدهما: النصب على المصدر من معنى الفعل الذي قبله لا من لفظه؛ لأن معنى " فَضَّل الله " آجرَ.