الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }

والتحية في الأصل: المُلْك. قال:
1269- أَؤمُّ بها أبا قابوسَ حتى   أُنيخَ على تَحِيَّته بجُندي
وقال آخر:
1630- ولكل ما نال الفتى   قد نلتُه إلا التحِيَّهْ
ويقال: التحية: البقاء والمُلْك، ومنه: " التحيات لله " ثم استُعملت في السلام مجازاً، ووزنها تَفْعِلة، والأصل: تَحْيِيَة فأدغمت، وهذا الإِدغامُ واجبٌ خلافاً للمازني، وأصل الأصل تَحْيِيٌّ، لأنه مصدر حَيّا، وحَيّا: فَعَّل، وفَعَّل مصدرُه على التفعيل، إلا أن يكون معتلَ اللام نحو: زكَّى وغَطَّى [فإنه تحذف إحدى الياءين] ويعوض منها تاء التأنيث فيقال: تزكية وتغطية، إلا ما شَذَّ من قوله:
1631- باتَتْ تُنَزِّي دلوَها تَنْزِيَّاً   كما تُنَزِّي شَهْلَةٌ صبيَّاً
إلا أن هذا الشذوذَ لا يجوزُ مثلُه في نحو " حَيّا " لاعتلالِ عينه ولامه بالياء، وألحق بعضُم ما لامُه همزةٌ بالمعتلِّها نحو: " نَبّأ تنبئة " و " خَبّأ تخبئة ". ومثلُها: أَعْيِيَة وأَعِيَّة، جمع عَيِيٌّ. وقال الراغب: " وأصلُ التحيَّة من الحَياة، ثم جُعِل كلُّ دعاءٍ تحيةً لكون جميعِه غيرَ خارجٍ عن حصولِ الحياةِ أو سببِ الحياة. وأصل التحية أن تقول: " حَيَّاك الله " ثم استُعْمِل في عُرْفِ الشرعِ في دعاء مخصوصٍ.

وقوله تعالى: { أَوْ رُدُّوهَآ } أي: رُدُّوا مثلَها؛ لأنَّ ردَّ عينها مُحالٌ، فحُذِفَ المضافُ نحو:وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [يوسف: 82] وأصلُ " حَيُّوا " حَيِّيُوا، فاستُثْقِلت الضمةُ على الياءِ، فَحُذِفت الضمةُ فالتقى ساكنان: الياءُ والواوُ فحُذِفت الياءُ وضُمَّ ما قبل الواو. وقوله " بأحسنَ " اي: بتحيةٍ أحسنَ من تلك التحيةِ الأولى.