الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً }

قوله تعالى: { يُؤْمِنُونَ }: فيه وجهان، أحدُهما: انه حالٌ: إمَّا من " الذين " ، وإمَّا من واو " أُوتوا ". و " بالجِبْتِ " متعلق به، " ويقولون " عطفٌ عليه، و " للذين " متعلِّقٌ بـ " يقولون " واللام: إمَّا للتبليغ وإمَّا للعلِة كنظائرِها. " وهؤلاء أَهْدَى " مبتدأٌ وخبرٌ في محلِّ نصبٍ بالقول. و " سبيلاً " تمييزٌ. والثاني: أنَّ " يؤمنون " مستأنف، وكأنه تعجَّبَ مِنْ حالِهم، إذ كان ينبغي لِمَنْ أُوتي نصيباً من الكتاب ألاَّ يفعلَ شيئاً مِمَّا ذُكِر فيكونُ جواباً لسؤالٍ مقدر، كأنه قيل: ألا تعجَبُ من حالِ الذين أوتوا نصيباً من الكتاب؟ فقيل: وما حالُهم؟ فقال: يؤمنون ويقولون، وهذان منافيان لحالِهم.

والجِبْتُ: هو الجِبْسُ بالسينِ المهملةِ، أُبْدِلَتْ تاءً، كالنات والأكيات وست في: الناس والأكياس وسِدْس، قال:
1594ـ...........   شرارُ الناتِ ليسوا بأجوادٍ ولا أَكْياتِ
والجِبْس: هو الذي لاخيرَ عنده، يُقال: رجلٌ جِبْسٌ وجِبْتٌ أي: رَذْل، قيل: وإنَّما ادَّعَى قلبَ السينِ تاءً لأنَّ مادة جَ بَ تَ مهملةٌ، وهذا قولُ قطرب، وغيره يجعلُها مادةً مستقلة، وقيل: الجِبْت: الساحر بلغةِ الحبشة، ويُطلق الجبتُ على كل ما عُبِد مِنْ دونِ الله، ولدلك سَمَّوا به صنماً بعينِه. والطاغوتُ تقدَّم تفسيرُه وتصريفُه.