وقوله تعالى: { عَلَى ٱلنِّسَآءِ }: متعلِّقٌ بـ " قَوَّامون " وكذا " بما " ، والباء سببية، ويجوز أن تكونَ للحال، فتتعلَّق بمحذوف؛ لأنها حال من الضمير في " قَوَّامون " تقديرُه: مستحقين بتفضيل الله إياهم. و " ما " مصدريةٌ وقيل: بمعنى الذي. وهو ضعيفٌ لحَذْفِ العائد من غير مُسَوِّغ. والبعضُ الأولُ المرادُ به الرجال والبعضُ الثاني النساء، وعَدل عن الضميرين فلم يَقُلْ: بما فَضَّلهم الله عليهنَّ للإِبهام الذي في " بعض ". و " بما أنفقوا " متعلقٌ بما تعلَّق به الأولُ. و " ما " يجوز هنا أن تكونَ بمعنى الذي من غيرِ ضَعْفٍ؛ لأنَّ للحذف مسوغاً أي: وبما أنفقوه مِنْ أموالِهم. و { مِنْ أَمْوَالِهِمْ } متعلقٌ بـ " أَنْفَقوا "؛ أو بمحذوف على أنه حال من الضمير المحذوف. قوله: { فَٱلصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ } " الصالحات ": مبتدأ وما بعده خبران له. و " للغيب " متعلق بـ " حافظات ". وأل في " الغيب " عوضٌ من الضمير عند الكوفيين كقوله:{ وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً } [مريم: 4] أي: رأسي وقوله:
1577ـ لَمْياءُ في شَفَتيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ
وفي اللِّثاتِ وفي أَنْيابِها شَنَبُ
أي: لِثاتِها: والجمهورُ على رفع الجلالة من " حَفِظ اللهُ ". وفي " ما " على هذه القراءةِ ثلاثةُ أوجه، أحدها: أنها مصدريةٌ والمعنى: بحِفْظِ الله إياهن أي: بتوفيقِه لهن أو بالوصية منه تعالى عليهن. والثاني: أن تكونَ بمعنى الذي والعائد محذوف أي: بالذي حفظه الله لهنَّ مِنْ مهورِ أزوجِهِنَّ والنفقة عليهن قاله الزجاج. والثالثُ: أن تكونَ " ما " نكرة موصوفةً، والعائد محذوف أيضاً كما تقرر في الموصولة بمعنى الذي. وقرأ أبو جعفر بنصبِ الجلالة، وفي " ما " ثلاثةُ أوجهً أيضاً، أحدُها: أنها بمعنى الذي، والثاني: نكرة موصوفة، وفي " حَفِظ " ضميرٌ يعود على " ما " أي: بما حَفِظ من البر والطاعة. ولا بد من حذف مضافٍ تقديرُه: بما حفظ دينَ الله أو أَمْرَ الله، لأنَّ الذاتَ المقدسةَ لا يحفظها أحد. والثالث: أن تكونَ " ما " مصدريةً، والمعنى بما حفظن الله في امتثال أمره، وساغَ عودُ الضميرِ مفرداً على جمعِ الإِناثِ لأنهن في معنى الجنس، كأنه قيل: مِمَّنْ صَلَحَ، فعادَ الضميرُ مفرداً بهذا الاعتبار، ورد الناسُ هذا الوجهَ بعدم مطابقة الضمير لما يعود عليه وهذا جوابه. وجعله ابن جني مثلَ قول الشاعر:
1578ـ......................
فإنَّ الحوادِثَ أودى بها
أي: أَوْدَيْنَ، وينبغي أن يقال: الأصلُ بما حَفِظَتِ اللهَ، والحوادث أَوْدَت؛ لأنها يجوز أن يعود الضمير على جمع الإِناث كعوده على الواحدة منهن، تقول: " النساءُ قامت " ، إلا أنَّه شَذَّ حذف تاء التأنيث من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث.