الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

و { ما } في قوله تعالى: { مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ }: موصولةٌ أو نكرة موصوفة، والعائدُ الهاءُ في " به ". و " بعضَكم " مفعول بـ " فَضَّل " و " على بعض " متعلق به.

قوله: { وَٱسْأَلُواْ }: الجمهورُ على إثباتِ الهمزة في الأمر من السؤال الموجَّه نحو المخاطب إذا تقدَّمه واو أو فاء نحو:فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ } [يونس: 94] { وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } [النساء: 32]. وابن كثير والكسائي بنَقْل حركةِ الهمزة إلى السين تخفيفاً لكثرةِ استعماله. فإنْ لم تتقدَّمه واو ولا فاء فالكل على النقل نحو:سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [البقرة: 211]، وإن كان لغائب فالكل على الهمز نحو:وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } [الممتحنة: 10]. ووهم ابن عطية فنقل اتفاقَ القراء على الهمز في نحو:وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ } [الممتحنة: 10] وليس اتفاقهم في هذا بل في { وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } كما تقدم. وتخفيفُ الهمز لغة الحجاز، ويحتمل أن يكون ذلك من لغةِ مَنْ يقول: " سال يسال " بألفٍ محضة، وقد تقدم تحقيق ذلك في البقرة عند " سَلْ بني إسرائيل " فعليك بالالتفات إليه، وهذا إنما يتأتَّى في " سل " و " فسل " وأما " وسَلوا " فلا يتأتَّى فيه ذلك؛ لأنه كان ينبغي أن يُقال: سالوا كخَافوا، وقد يقال: إنه التزَم الحذفَ لكثرةِ الدَّوْر.

وهو يتعدَّى لاثنين، والجلالةَ مفعول أول، وفي الثاني قولان، أحدهما: أنه محذوف فقدَّره ابن عطية: " أمانيَّكم " ، وقدره غيره: شيئاً من فضله، فحذف الموصوف وأبقى صفته نحو: " أطعمته من اللحم " أي: شيئاً منه، و " مِنْ " تبعيضية. والثاني: أن " مِنْ " زائدة، والتقدير: { وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } ، وهذا إنما يتمشَّىٰ على رأي الأخفش لفقدانِ الشرطين، وهما تنكيرُ المجرور وكونُ الكلام غيرَ موجَبٍ.