الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

قوله تعالى: { صِرَاطاً }: مفعول ثان لـ " يهدي " لأنه يتعدى لاثنين كما تقدم تحريره. وقال جماعة منهم مكي: إنه مفعول بفعلٍ محذوف دَلَّ عليه " يهديهم " ، والتقدير: " يُعَرِّفهم " وقال أبو البقاء قريباً من هذا إلا أنه لم يُضْمِرْ فعلاً، بل جَعَلَه منصوباً بـ " يهدي " على المعنى، لأنَّ المعنى يُعَرِّفهُم. قال مكي في الوجه الثاني: " ويجوز أن يكونَ مفعولاً ثانياً لـ " يَهْدي " أي: يهديهم صراطاً مستقيماً إلى ثوابه وجزائه " ولم اَدْرِ لِمَ خَصَّصوا هذا الموضع دونَ الذي في الفاتحة، واحتاجوا إلى تقدير فعل أو تضمنيه معنى " يُعَرِّفهم "؟ وأجاز أبو عليّ أن يكون منصوباً على الحال من محذوف فإنه قال: " الهاءُ في " إليه " راجعةٌ إلى ما تقدم من اسم الله، والمعنى: ويهديهم إلى صراطه، فإذا جعلنا " صراطاً مستقيماً " نصباً على الحال كانت الحالُ من هذا المحذوفِ " انتهى. فتحصَّل في نصبه أربعةُ أوجه، أحدها: أنه مفعول بـ " يهدي " من غير تضمين معنى فعل آخرَ. الثاني: أنه على تضمين معنى " يُعَرفهم " الثالث: أنه منصوبٌ بمحذوفٍ. الرابع: أنه نصبٌ على الحال، وعلى هذا التقديرِ الذي قَدَّره الفارسي تقْرُب من الحالِ المؤكدة، وليس كقولك: " تبسَّم ضاحكاً " لمخالفتِها لصاحبِها بزيادةِ الصفةِ وإن وافقته لفظاً. والهاءُ في " إليه " إمَّا عائدةٌ على " الله " بتقدير حذف مضاف كما تقدم من نحو: " ثوابه " أو " صراطه " ، وإمَّا على الفضلِ والرحمة لأنهما في معنى شيءٍ واحد، وإما عائدةٌ على الفضلِ لأنه يُراد به طريق الجنان.