الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }

قوله تعالى: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ }: قد تقدَّم الكلامُ على نظيرتها. ولكن هنا سؤالٌ حسن قاله الزمخشري وهو: " فإن قلت: التفصيل غيرُ مطابق للمفصَّل، لأنه اشتمل على الفريقين، والمفصَّل على فريق واحد. قلت: هو مثلُ قولك: " جَمَعَ الإِمام الخوارج: فمن لم يخرج عليه كساه حُلَّةً ومَنْ خرج عليه نَكَّل به " وصحةُ ذلك لوجهينِ، أحدُهما: أنه يُحذف ذِكُر أحدِ الفريقين لدلالةِ التفصيل عليه، ولأنَّ ذِكْرَ أحدهما يدل على ذكرِ الثاني كما حذف أحدَهما في التفصيل في قوله عقيب هذا: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ } والثاني: وهو أن الإِحسان إلى غيرهم ما يَغُمُّهم فكان داخلاً في جملة التنكيل بهم، فكأنه قيل: ومن يستنكفْ عن عبادتِه ويستكبرْ فسيعذُبهم بالحسرة إذا رأوا أجور العاملين وبما يصيبهم من عذاب الله " انتهى. يعني بالتفصيل قولَه: " فأما " و " أما " وقد اشتمل على فريقين أي: المثابين والمعاقبين، وبالمفصَّل قولَه قبل ذلك: " ومَنْ يستنكف " ، ولم يشتمِلْ إلا على فريق واحد هم المعاقبون.