الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

والضمير في " فيهم " يعودُ على الضاربين في الأرض، وقيل: على الخائفين، وهما محتملان، والضميرُ في " وليأخذوا " الظاهر عَوْدُه على " طائفة " لقُربه منها، ولأنَّ الضمير في قوله { سَجَدُواْ } لها. وقيل: يعود على طائفة أخرى وهي التي تحرس المُصَلِّية. واختار الزجاج عَوْدَه على الجميع قال: " لأنه أَهْيَبُ للعدو ". والسلاح: ما يُقاتَل به وجمعُه أَسْلِحَة وهو مذكر، وقد يُؤَنَّث باعتبار الشوكة، قال الطرماح:
1650- يَهُزُّ سِلاحاً لم يَرِثْها كَلالةً   يشكُّ بها منها غموضَ المَغَابِنِ
فأعاد الضميرَ عليه كضمير المؤنثة، ويقال: سِلاح كحِمار، وسِلْح كضِلْع، وسُلَح كصُرَد، وسُلْحان كسُلْطان نقله أبو بكر بن دريد والسَّلِيح نبت إذا رَعَتْه الإِبل سَمِنَتْ وغَزُرَ لبنُها، وما يُلْقيه البعير من جوفه يقال له " سُلاح " بزنة غُلام، ثم عُبِّر به عن كل عَذِرة حتى قيل في الحُبارى: " سِلاحُه سُلاحه ".

قوله: { لَمْ يُصَلُّواْ } الجملة في محل رفع لأنها صفة لـ " طائفة " بعد صفةٍ، ويجوزُ أن يكونَ في محلِّ نصب على الحال؛ لأنَّ النكرة قبلها تخصَّصت بالوصف بأخرى. وقرأ الحسن: " فَلِتَقُمْ " بكسر لام الأمر، وهو الأصل. وقرأ أبو حيوة " وليأت " بناء على تذكير الطائفة. ورُوي عن أبي عمرو الإِظهار والإِدغامُ في " ولتأت طائفة " ووجوهُ هذه واضحة. وفي قوله { وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } مجازٌ حيث جعل الحِذْر - وهو معنى من المعاني- مأخوذاً مع الأسلحة فجَعَلَه كالآلة، وهو كقوله تعالى:تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ } [الحشر: 9] في أحدِ الأوجه. وقد تقدَّم الكلامُ في " لو " الواقعةِ بعدوَدَّ } [الآية: 109] هنا وفي البقرة وقرئ " أَمْتِعاتِكم " وهو الشذوذِ من حيث إنه جمع الجمعِ كقولهم: أَسْقِيات وأَعْطِيات. وقوله: { أَن تَضَعُوۤاْ } كقولِه: { أَن تَقْصُرُواْ } وقد تقدم.