الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

قوله: { وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ }: قال الزمخشري: " فإنْ قلتَ: ما العاملُ في " إذا ذُكِرَ "؟ قلت: العاملُ في " إذا " الفجائية، تقديرُه: وقتَ ذِكْرِ الذين مِنْ دونِه فاجَؤوا وقتَ الاستبشار ". قال الشيخُ: " أمَّا قولُ الزمخشريِّ فلا أَعْلَمُه مِنْ قولِ مَنْ ينتمي للنحوِ، وهو أنَّ الظَّرْفَيْنِ معمولان لفاجؤوا ثم " إذا " الأولى تَنْتَصِبُ على الظرفيةِ، والثانيةُ على المفعول به ". وقال الحوفي: " إذا هم يَسْتَبشرون " إذا " مضافةٌ إلى الابتداءِ والخبر، و " إذا " مكررةٌ للتوكيد، وحُذف ما تُضاف إليه. والتقدير: إذا كانَ ذلك هم يَسْتبشِرون فيكون هم يستبشرون هو العاملَ في " إذا " ، المعنى: إذا كان كذلك استبشروا ". قال الشيخ: " وهذا يَبْعُدُ جداً عن الصواب، إذا جعل " إذا " مضافةً إلى الابتداء والخبر " ، ثم قال: " وإذا مكررةٌ للتوكيد وحُذِف ما تضاف إليه " إلى آخرِ كلامه فإذا كانَتْ " إذا " حُذِف ما تُضاف إليه، فكيف تكون مضافةً إلى الابتداء والخبرِ الذي هو هم يَسْتَبْشِرون؟ وهذا كلُّه أَوْجبه عَدَمُ الإِتقانِ لعلمِ النحوِ والتحذُّقِ فيه " انتهى. وفي هذه العبارةِ تحامُلٌ على أهلِ العلمِ المرجوعِ إليهم فيه.

واختار الشيخُ أَنْ يكونَ العاملُ في " إذا " الشرطيةِ الفعلَ بعدها لا جوابَها، وأنها ليسَتْ مضافةً لِما بعدها، وإنْ كان قولَ الأكثرين، وجَعَل " إذا " الفجائيةَ معمولةً لِما بعدها سواءً كانت زماناً أم مكاناً. أمَّا إذا قيل: إنها حرفٌ فلا تحتاجُ إلى عاملٍ وهي رابِطةٌ لجملةِ الجزاءِ بالشرطِ كالفاء.

والاشمِئْزازُ: النُّفورُ والتقبُّضُ. وقال أبو زيد: هو الذُّعْرُ. اشْمَأَزَّ فلانٌ: إذا ذُعِرَ، ووزن افْعَلَلَّ كاقْشَعَرَّ. قال الشاعر:
3897 ـ إذا عَضَّ الثِّقافُ بها اشْمَأَزَّتْ   ووَلَّتْه عَشَوْزَنَةً زَبُوْنا