قوله: { كِتَاباً }: فيه وجهان، أظهرهما: أنه بدلٌ مِنْ " أحسنَ الحديث ". والثاني: أنه حالٌ منه. قال الشيخ - لَمَّا نقله عن الزمخشري -: " وكأنَّه بناءً على أنَّ " أَحْسَن الحديث " معرفةٌ لإِضافتِه إلى معرفةٍ، وأفعلُ التفضيلِ إذا أُضيف إلى معرفةٍ فيه خلافٌ. فقيل: إضافتُه مَحْضَةٌ. وقيل: غيرُ محضة ". قلت: وعلى تقديرِ كونِه نكرةً يَحْسُنُ أيضاً أَنْ يكونَ حالاً؛ لأنَّ النكرةَ متى أُضيفَتْ ساغ مجيءُ الحالِ منها بلا خلافٍ. والصحيحُ أنَّ إضافةَ أَفْعَلَ محضةٌ. و " مُتَشابِهاً " نعتٌ لـ " كتاب " وهو المُسَوِّغُ لمجيءِ الجامدِ حالاً، أو لأنَّه في قوةِ مكتوب. وقرأ العامَّةُ " مثانيَ " بفتح الياء صفةً ثانية أو حالاً أخرى أو تمييزاً منقولاً من الفاعلية أي متشابهاً مثانيه وإلى هذا ذهب الزمخشري. وقرأ هشام عن ابن عامر وأبو بِشْرٍ بسكونها، وفيها وجهان، أحدُهما: أنه مِنْ تسكِينِ حرفِ العلةِ استثقالاً للحركةِ عليه كقراءة " تُطْعِمُوْن أهاليْكم ". [وقوله]:
3892 ـ كأنَّ أَيْدِيْهِنَّ.............
.................................
ونحوِهما. والثاني: أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: هو مثاني، كذا ذكره الشيخ. وفيه نظرٌ مِنْ حيث إنه كان ينبغي أَنْ يُنَوَّنَ وتُحْذَفَ ياؤُه لالتقاءِ الساكنين فيقال: مثانٍ، كما تقول: هؤلاء جوارٍ. وقد يُقال: إنه وُقِفَ عليه. ثم أُجْرِيَ الوصلُ مُجْرى/ الوقفِ لكنْ يُعْتَرَضُ عليه: بأنَّ الوَقْفَ على المنقوصِ المنونِ بحَذْفِ الياءِ نحو: هذا قاضٍ، وإثباتُها لغةٌ قليلةٌ. ويمكن الجوابُ عنه: بأنَّه قد قُرِئ بذلك في المتواترِ نحو: { مِنْ والي } و { باقي } و { هادي } في قراءة ابن كثير. قوله: " تَقْشَعِرُّ " هذه الجملةُ يجوزُ أَنْ تكونَ صفةً لـ " كتاب " ، وأَنْ تكونَ حالاً منه لاختصاصِه بالصفةِ، وأَنْ تكونَ مستأنفةً. واقشعرَّ جِلْدُه إذا تقبَّضَ وتَجَمَّعَ من الخوف، وقَفَّ شعرُه. والمصدرُ الاقشعرارُ والقُشَعْرِيرة أيضاً. ووزن اقْشَعَرَّ افْعَلَلَّ. ووزنُ القُشَعْرِيرة: فَعَلِّيْلَة. و " مَثاني " جمعُ مَثْنى؛ لأنَّ فيه تثنيةَ القصصِ والمواعظِ، أو جمعُ مَثْنى مَفْعَل مِنْ التثنية بمعنى التكرير. وإنما وُصِفَ " كتاب " وهو مفردٌ بمثاني، وهو جمعٌ؛ لأنَّ الكتابَ مشتملٌ على سورٍ وآياتٍ، أو هو من باب: بُرْمَةٌ أعشارٌ وثَوْبٌ أخلاقٌ. كذا قال الزمخشري: وقيل: ثَمَّ موصوفٌ محذوفٌ أي: فصولاً مثانيَ حُذِفَ للدلالةِ عليه.