الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ }

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: { تَنزِيلُ }: فيه وجهان، أحدهما: أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ تقديرُه: هذا تنزيلُ. وقال الشيخ: " وأقولُ إنه خبرٌ، والمبتدأ " هو " ليعودَ على قولِه:إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } [ص: 87] كأنه قيل: وهذا الذِّكْرُ ما هو؟ فقيل: هو تنزيلُ الكتابِ ". الثاني: أنه مبتدأٌ، والجارُّ بعده خبرُه أي: تنزيلُ الكتابِ كائنٌ من اللَّهِ. وإليه ذهب الزجاج والفراء.

قوله: " مِنَ اللَّهِ " يجوزُ فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه مرفوعُ المحلِّ خبراً لتنزيل، كما تقدَّم تقريرُه. الثاني: أنه خبرٌ بعد خبرٍ إذا جَعَلْنا " تنزيلُ " خبرَ مبتدأ مضمرٍ كقولك: " هذا زيدٌ من أهل العراق ". الثالث: أنَّه خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: هذا تنزيلٌ، هذا من الله. الرابع: أنَّه متعلِّقٌ بنفسِ " تَنْزيل " إذا جَعَلْناه خبرَ مبتدأ مضمرٍ. الخامس: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ " تنزيل " عَمِل فيه اسمُ الإِشارةِ المقدرُ، قاله الزمخشري. قال الشيخ: " ولا يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً عَمِلَ فيها معنى الإِشارةِ؛ لأنَّ معانيَ الأفعالِ لا تعمل إذا كان ما هي فيه محذوفاً؛ ولذلك رَدُّوا على أبي العباس قولَه في بيت الفرزدق:
3884 ـ.........................   وإذ ما مثلَهمْ بَشَرُ
إن " مثلهم " منصوبٌ بالخبرِ المحذوف وهو مقدرٌ: وإذ ما في الوجود في حالِ مماثلتِهم بَشَرٌ. السادس: أنه حالٌ من " الكتاب " قاله أبو البقاء. وجاز مجيءُ الحالِ من المضاف إليه لكونِه مفعولاً للمضافِ؛ فإنَّ المضافَ مصدرٌ مضافٌ لمفعولِه. والعامَّةُ على رَفْع " تَنْزيلُ " على ما تقدَّم. وقرأ زيد ابن علي وعيسى وابن أبي عبلة بنصبِه بإضمارِ فِعْلٍ تقديرُه: الزَمْ أو اقْرَأ ونحوهما.