الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

قوله: { إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ }: العامَّةُ على فتح الهمزة " أنما ". وفيها وجهان، أحدهما: أنها مع ما في حَيِّزها في محلِّ رفع لقيامِها مقامَ الفاعلِ أي: ما يُوْحَى إليَّ إلاَّ الإِنذارُ، أو إلاَّ كَوْني نذيراً مبيناً. والثاني: أنها في محلِّ نصب أو جرٍ بعد إسقاطِ لامِ العلةِ. والقائم مقامَ الفاعلِ على هذا الجارُّ والمجرورُ أي: ما يُوْحى إليَّ إلاَّ للإِنذارِ أو لكَوْني نذيراً. ويجوز أَنْ يكونَ القائمُ مقامَ الفاعلِ على هذا ضميرِ ما يَدُلُّ عليه السِّياقُ أي: ما يُوْحى إليَّ ذلك الشيءُ إلاَّ للإِنذار.

وقرأ أبو جعفر بالكسر، وهي القائمةُ مقامَ الفاعلِ على سبيلِ الحكايةِ، كأنه قيل: ما يُوْحى إليَّ إلاَّ هذه الجملةُ المتضمنةُ لهذا الإِخبارِ. وقال الزمخشري: " على الحكاية أي: إلاَّ هذا القولُ وهو أنْ أقولَ لكم: إنما أنا نذيرٌ مبين ولا أدَّعي شيئاً آخرَ ". قال الشيخ: " وفي تخريجه تعارُضٌ لأنه قال: إلاَّ هذا القولُ، فظاهرُه الجملةُ التي هي: { أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }. ثم قال: وهو أَن أقولَ لكم إني نذيرٌ فالمقامُ مقامُ الفاعلِ هو أَنْ أقولَ لكم، وإنِّي وما بعده في موضعِ نصبٍ، وعلى قولِه: " إلاَّ هذا القولُ " يكون في موضع رفع فتعارضا ". قلت: ولا تعارُضَ البتةَ؛ لأنَّه تفسيرُ معنًى في التقدير الثاني، وفي الأول تفسير إعرابٍ، فلا تعارُضَ.