الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ }

قوله: { تَخَاصُمُ }: العامَّةُ على رَفْعِ " تَخاصُمُ " مضافاً لأهل. وفيه أوجه، أحدها: أنَّه بدلٌ مِنْ " لَحَقٌّ ". الثاني: أنه عطفُ بيانٍ. الثالث: أنه بدلٌ مِنْ " ذلك " على الموضعِ، حكاه مكي، وهذا يُوافِقُ قولَ بعض الكوفيين. الرابع: أنه خبرُ ثانٍ لـ " إنَّ ". الخامس: أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: هو تخاصُمُ. السادس: أنه مرفوعٌ بقولِه " لَحَقٌّ ". إلاَّ أنَّ أبا البقاء قال: " ولو قيل: هو مرفوعٌ بـ " حَقٌّ " لكان بعيداً لأنه يَصيرُ جملةً/ ولا ضميرَ فيها يعود على اسم " إن ". وهذا ردٌّ صحيحٌ. وقد يُجابُ عنه: بأنَّ الضميرَ مقدرٌ أي: لحقٌّ تخاصُمُ أهلِ النار فيه كقوله:وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43] أي: منه. وقرأ ابن محيصن بتنوين " تخاصم " ورفع " أهلُ " فَرَفْعُ " تخاصُمٌ " على ما تقدَّم. وأمَّا رَفْعُ " أهلُ " فعلى الفاعلية بالمصدرِ المنونِ كقولك: " يُعْجبني تخاصمٌ الزيدون " أي: أنْ تخاصَموا. وهذا قولُ البصريين وبعضِ الكوفيين خلا الفراءَ.

وقرأ ابنُ أبي عبلة " تخاصُمَ " بالنصب مضافاً لأهل. وفيه أوجه، أحدها: أنه صفةٌ لـ " ذلك " على اللفظِ. قال الزمخشري: " لأنَّ أسماءَ الإِشارة تُوْصَفُ بأسماءِ الأجناس ". وهذا فيه نظرٌ؛ لأنهم نَصُّوا على أنَّ أسماء الإِشارة لا تُوْصَفُ إلاَّ بما فيه أل نحو: " يا هذا الرجلُ " ، ولا يجوز " يا هذا غلامَ الرجل " فهذا أبعدُ، ولأن الصحيحَ أنَّ الواقع بعد اسمِ الإِشارة المقارنِ لـ أل إنْ كان مشتقاً كان صفةً، وإلاَّ كان بدَلاً و " تخاصُم " ليس مشتقاً. الثاني: أنه بدلٌ من ذلك. الثالث: أنه عطفُ بيانٍ. الرابع: على إضمارِ " أعني ". وقال أبو الفضل: " ولو نُصِبَ " تخاصم " على أنَّه بدلٌ من " ذلك " لجاز " انتهى. وكأنه لم يَطَّلِعْ عليها قراءةً. وقرأ ابن السَّمَيْفع " تخاصَمَ " فعلاً ماضياً " أهل " فاعلٌ به. وهي جملةٌ استئنافيةٌ.