الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ }

قوله: { حُبَّ ٱلْخَيْرِ }: فيه أوجهٌ، أحدُها: هو مفعولُ " أَحْبَبْت " لأنه بمعنى آثَرْتُ، و " عَنْ " على هذا بمعنى على، أي: على ذِكْر ربي؛ لأنه يُرْوَى في التفسيرِ - واللَّهُ أعلم - أنه عَرَضَ الخيلَ حتى شَغَلَتْه عن صلاة العصرِ أولَ الوقتِ حتى غَرَبَتِ الشمسُ. وقال الشيخ: " وكأنه منقولٌ عن الفراء أنه ضَمَّن أَحْبَبْتُ معنى آثَرْتُ حتى نصبَ " حُبَّ الخير " مفعولاً به. وفيه نظرٌ؛ لأنه متعدٍّ بنفسه، وإنما يَحتاج إلى التضمين إنْ لو لم يكنْ متعدِّياً. الثاني: أنَّ " حُبَّ " مصدرٌ على حَذْفِ الزوائد. والناصبُ له " أَحببتُ ". الثالث: أنه مصدرٌ تشبيهيٌّ أي: حُباً مثلَ حُبِّ الخير. الرابع: أنه قيل: ضُمِّن معنى أَنَبْتُ، فلذلك تَعَدَّى بـ " عن ". الخامس: أنَّ " أَحْبَبْتُ " بمعنى لَزِمْتُ. السادس: أنَّ " أَحْبَبْتُ " مِنْ أحَبَّ البعيرُ إذا سَقَطَ وبَرَك من الإِعْياء. والمعنى: قَعَدْتُ عن ذِكْر ربي، فيكون " حُبَّ الخيرِ " على هذا مفعولاً مِنْ أجله.

قوله: " حتى تَوارَتْ " في الفاعل وجهان، أحدهما: هو " الصافنات " والمعنى: حتى دخلَتْ اصْطَبْلاتِها فتوارَتْ وغابَتْ. والثاني: أنه للشمس أُضْمِرَتْ لدلالة السِّياق عليها. وقيل: لدلالةِ العَشِيِّ عليها فإنها تشعر بها. وقيل: يدل عليها الإِشراق في قصة داود. وما أبعده.

وقوله: " ذِكْرِ ربي " يجوز أَنْ يكونَ مضافاً للمفعول أي: عن أَنْ أذكر ربي، وأَنْ يكونَ مضافاً للفاعل أي: عَنْ أَنْ ذَكرني ربي. وضميرُ المفعولِ في " رُدُّوها " للصافناتِ. وقيل: للشمس، وهو غريبٌ جداً.