الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ }

قوله: { بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ }: مصدرٌ مضافٌ لمفعولِه، والفاعلُ محذوفٌ أي: بأَنْ سَأَلك نعجَتك، وضُمِّنَ السؤالُ معنى الإِضافةِ والانضمامِ أي: بإضافةِ نعجتِك على سبيل السؤال، ولذلك عُدِّي بـ إلى.

قوله: " لَيَبْغي " العامَّةُ على سكونِ الياءِ وهو مضارعٌ مرفوعٌ في محلِّ الخبرِ لـ " إنَّ " وقُرِئ " لَيَبْغيَ " بفتح ياءَيْه. ووُجِّهَتْ: بأن الأصلَ: لَيَبْغِيَنْ بنونِ التوكيد الخفيفة والفعل جواب قسم مقدر، والقسم المقدر وجوابه خبر إنَّ تقديره: وإن كثيراً من الخلطاء والله ليبغين، فحُذِفَت كما حُذِفَ في قوله:
3862 ـ اضْرِبَ عَنْك الهمومَ طارِقَها   ........................
وقُرِئ " ألم نَشْرَحَ " بالفتح وقوله:
3863 ـ مِنْ يومِ لم يُقْدَرَ أو يومَ قُدِرْ   
بفتح الراء. وقُرِئَ " لَيَبْغِ " بحَذْف الياء. قال الزمخشري: " اكتفى منها بالكسرة " وقال الشيخ: " كقوله:
3864 ـ محمدُ تَفِدْ نفسَك كلُّ نَفْسٍ   .............................
يريد " تَفْدِي " على أحدِ القولين " يعني: أنه حذفَ الياءَ اكتفاءً عنها بالكسرةِ. والقول الثاني: أنه مجزومٌ بلامِ الأمرِ المقدرةِ. وقد تقدَّم هذا في سورة إبراهيم عليه السلام، إلاَّ أنَّه لا يتأتَّى هنا لأنَّ اللامَ مفتوحةٌ.

قوله: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } استثناءٌ متصلٌ مِنْ قولِه: " بعضهم " وقوله: " وقليلٌ " خبرٌ مقدمٌ و " ما " مزيدةٌ للتعظيم. و " هم " مبتدأ.

قوله: " فَتَنَّاه " بالتخفيفِ. وإسنادُه إلى ضميرِ المتكلمِ المعظِّم نفسَه قراءةُ العامَّةِ. وعمرُ بن الخطاب والحسن وأبو رجاء " فَتَّنَّاه " بتشديد/ التاء وهي مبالغةٌ. وقرأ الضحاك " أفتنَّاه " يُقال: فَتَنَه وأَفْتَنَه أي: حَمَله على الفتنةِ. ومنه قولُه:
3865 ـ لَئِنْ فَتَنَتْنِيْ لَهْيَ بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ   .......................
وقرأ قتادةُ وأبو عمروٍ في روايةٍ " فَتَناه " بالتخفيف. و " فتنَّاه " بالتشديد والألفُ ضميرُ الخصمين. و " راكِعاً " حالٌ مقدرةٌ، قاله أبو البقاء. وفيه نظرٌ لظهورِ المقارنة.