الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ }

و: { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ }: يجوز أَنْ يكونَ من باب الصفةِ المشبهةِ أي: قاصراتٌ أطرافُهنَّ كمُنْطَلِق اللسانِ، وأَنْ يكونَ من باب اسم الفاعل على أصلِه. فعلى الأولِ المضافُ إليه مرفوعُ المحلِّ، وعلى الثاني منصوبُه أي: قَصُرَتْ أطرافُهُنّ على أزواجِهِنَّ وهو مدحٌ عظيمٌ. قال امرؤ القيس:
3800 ـ من القاصِراتِ الطَّرْفِ لو دَبَّ مُحْوِلٌ   من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها لأَثَّرا
والعِيْنُ: جمع عَيْناء وهي الواسعةُ العينِ. والذَّكَرُ أَعْيَنُ، والبَيْضُ جمعُ بَيْضَة وهو معروفٌ. والمرادُ به هنا بَيْضُ النَّعام. والمَكْنون المصُون مِنْ كَنَنْتُه أي: جَعَلْتُه في كِنّ. والعربُ تُشَبِّه المرأةَ بها في لَوْنِها، وهو بياضٌ مُشْرِبٌ بعضَ صُفْرَةٍ. والعربُ تُحبُّه. قال امرؤ القيس:
3801 ـ وبَيْضَةِ خِدْرٍ لا يُرام خِباؤُها   تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بها غيرَ مُعْجَلٍ
كبِكْرِ مُقاناةِ البَياضِ بصُفْرَةٍ   غَذاها نَمِيْرُ الماءِ غيرَ المُحَلَّلِ
وقال ذو الرمة:
3802 ـ بيضاءُ في بَرَحٍ صَفْراءُ في غَنَجٍ   كأنها فِضَّةٌ قد مَسَّها ذَهَبُ
وقال بعضُهم: إنما شُبِّهَتِ المرأةُ بها في أجزائِها، فإنَّ البيضةَ من أيِّ جهةٍ أتيتَها كانَتْ في رأي العينِ مُشْبهةً للأخرى وهو في غاية المدح. وقد لَحَظ هذا بعضُ الشعراءِ حيث قال:
3803 ـ تناسَبَتِ الأعضاءُ فيها فلا تَرَى   بهنَّ اختلافاً بل أَتَيْنَ على قَدْرِ
ويُجْمع البَيْضُ على بُيُوْض قال:
3804 ـ بتَيْهاءَ قفرٍ والمَطِيُّ كأنَّها   قطا الحَزْنِ قد كانَتْ فِراخاً بُيوضُها