الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ }

قوله: { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ }: " معه " متعلِّقٌ بمحذوفٍ على سبيل البيان كأنَّ قائلاً قال: مع مَنْ بلغ السَّعْيَ؟ فقيل: مع أبيه. ولا يجوزُ تعلُّقُه بـ " بَلَغَ " لأنَّه يَقْتضي بلوغَهما معاً حَدَّ السَّعْيِ. ولا يجوز تعلُّقُه بالسَّعْيِ؛ لأنَّ صلةَ المصدرِ لا تتقدَّمُ عليه فتعيَّن ما تقدَّم. قال معناه الزمخشريُّ. ومَنْ يَتَّسِعْ في الظرفِ يُجَوِّزْ تَعَلُّقَه بالسَّعْي.

قوله: " ماذا ترى " يجوزُ أَنْ تكونَ " ماذا " مركبةً مغلَّباً فيها الاستفهامُ فتكونَ منصوبةً بـ " تَرَى " ، وهي وما بعدها في محلِّ نصب بـ " انْظُر " لأنها مُعَلِّقةٌ له، وأنْ تكونَ " ما " استفهاميةً، و " ذا " موصولةً، فتكون مبتدأً وخبراً، والجملةُ معلِّقَةٌ أيضاً، وأَنْ تكونَ " ماذا " بمعنى الذي فتكونَ معمولاً لـ " انْظُرْ ". وقرأ الأخَوان " تُري " بالضم والكسر. والمفعولان محذوفان، أي: تُريني إياه مِنْ صبرك واحتمالك.

وباقي السبعة/ " تَرَى " بفتحتين مِن الرأي. وقرأ الأعمش والضحَّاك " تُرَى " بالضمِّ والفتح بمعنى: ما يُخَيَّلُ إليك ويَسْنَحُ بخاطرك.

وقوله: " ما تُؤْمَرُ " يجوزُ أَنْ تكونَ " ما " بمعنى الذي، والعائدُ مقدرٌ أي: تُؤْمَرُه، والأصلُ: تُؤْمَرُ به، ولكنَّ حَذْفَ الجارِّ مُطَّرِدٌ، فلم يُحْذَفْ العائدُ إلاَّ وهو منصوبُ المحلِّ، فليس حَذْفُه هنا كحذفِه في قولك: " جاء الذي مَرَرْتُ ". وأَنْ تكونَ مصدريةً. قال الزمخشري: " أو أَمْرَك، على إضافةِ المصدرِ للمفعول وتسميةِ المأمورِ به أمراً " يعني بقولِه المفعول أي: الذي لم يُسَمَّ فاعلُه، إلاَّ أنَّ في تقدير المصدرِ بفعل مبنيّ للمفعولِ خلافاً مَشْهوراً.