الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ }

قوله: { فَيَمُوتُواْ }: العامَّةُ على نصبِه بحذفِ النونِ جواباً للنفي. وهو على أحدِ معنَييْ نَصْبِ " ما تأتينا فتحدِّثَنا " ، أي: ما يكون منك إتيانٌ فلا حديثٌ، انتفى السببُ وهو الإِتيانُ، فانتفى مُسَبَّبُه وهو الحديثُ. والمعنى الثاني: إثباتُ الإِتيانِ ونفيُ الحديثِ أي: ما تأتينا محدِّثاً بل تأتينا غيرَ مُحَدِّثٍ. وهذا لا يجوزُ في الآيةِ البتةَ.

وقرأ عيسى والحسن " فيموتون " بإثباتِ النونِ. قال ابنُ عطية: " هي ضعيفةٌ ". قلت: وقد وَجَّهها المازنيُّ على العطفِ على { لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ } فلا يموتون. وهو أحدُ الوجهين في معنى الرفعِ في قولك: " ما تأتينا فتحدِّثنا " أي: انتفاءُ الأمرَيْن معاً، كقولِه:وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات: 36]، أي: فلا يعتذرون. و " عليهم " قائمٌ مقامَ الفاعلِ، وكذلك " عنهم " بعد " يُخَفَّفُ ". ويجوزُ أَنْ يكونَ القائمُ " من عذابها " و " عنهم " منصوبُ المحلِّ. ويجوز أَنْ تكونَ " مِنْ " مزيدةً عند الأخفش، فَتَعيَّن لقيامِه مَقامَ الفاعلِ لأنه هو المفعولُ به.

وقرأ أبو عمرٍو في رواية " ولا يُخَفَّفْ " بسكون الفاء، شبَّه المنفصل بِـ " عَضْد " كقوله:
3769 ـ فاليومَ أشْرَبْ غيرَ مُسْتَحْقِبٍ   ............................
قوله: " كذلك " إمَّا مرفوعُ المحل أي: الأمرُ كذلك، وإمَّا منصوبُه أي: مثلَ ذلك الجزاءِ نَجْزي. وقرأ أبو عمرٍو " يُجْزَى " مبنيَّاً للمفعول، " كلُّ " رفعٌ به. والباقون " نَجْزي " بنونِ العظمة مبنيَّاً للفاعل، " كلَّ " مفعول به.