قوله: { وَازِرَةٌ }: أي: نفسٌ وازِرَةٌ، فحذف الموصوفَ للعِلْم [به]. ومعنى تَزِرُ: تَحْمِلُ أي: لا تحملُ نَفْسٌ حامِلَةٌ حِمْلَ نفسٍ أخرى. قوله: { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ } أي: نفسٌ مُثْقَلَةٌ بالذنوب نفساً إلى حِمْلِها. فحذف المفعولَ به للعِلْم به. والعامَّةُ " لا يُحْمَلُ " مبنياً للمفعولِ و " شيءٌ " قائمٌ مَقامَ فاعلِه. وأبو السَّمَّال وطلحة - وتُرْوى عن الكسائي - بفتح التاءِ مِنْ فوقُ وكسرِ الميم. أَسْنَدَ الفعلَ إلى ضميرِ النفسِ المحذوفةِ التي جعلها مفعولةً لـ " تَدْعُ " أي: لا تَحْمِل تلكَ النفسُ المدعوَّةُ. " شيئاً " مفعولٌ بـ " لا تَحْمِل ". قوله: { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } [أي:] ولو كان المَدْعُوُّ ذا قُرْبى. وقيل: التقديرُ: ولو كان الداعِي ذا قُرْبى. والمعنيان حسنان. وقُرِئ " ذو " بالرفعِ، على أنها التامَّةُ أي: ولو حَضَرَ/ ذو قُرْبى نحو: " قد كان مِنْ مطْر " ،{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ } [البقرة: 280]. قال الزمخشري: " ونَظْمُ الكلامِ أحسن ملاءَمةً للناقصةِ؛ لأنَّ المعنى: على أنَّ المُثْقَلَةَ إذا دَعَتْ أحداً إلى حِمْلِها لا يُحْمَلُ منه شيءٌ، ولو كان مَدْعُوُّها ذا قُرْبى، وهو مُلْتَئِمٌ. ولو قلت: ولو وُجِد ذو قُرْبى لخَرَج عن التئامِه ". قال الشيخ: " وهو ملْتَئِمٌ على المعنى الذي ذكَرْناه ". قلت: والذي قاله هو " أي: ولو حَضَرَ إذ ذاك ذُو قربى " ثم قال: " وتفسيرُ الزمخشريِّ " كان " - وهو مبنيٌّ للفاعل " يُوْجَدُ " وهو مبنيٌّ للمفعول - تفسيرُ معنى، والذي يفسِّر النحويُّ به " كان " التامَّةَ هو حَدَث وحَضَر ووقَعَ ". قوله: بالغَيْب " حالٌ من الفاعل أي: يَخْشَوْنه غائبين عنه، أو من المفعول أي: غائباً عنهم. قوله: " ومَنْ تَزَكَّى " قرأ العامَّةُ " تَزَكَّى " تَفَعَّل، " فإنما يَتَزَكَّى " يتفعَّل. وعن أبي عمروٍ " ومَنْ يَزَّكِّى " " فإنما يَزَّكَّى " والأصلُ فيهما: يَتَزَكَّى فأُدْغِمَتْ التاءُ في الزايِ كما أُدْغِمت في الذال نحو: " يَذَّكَّرون " في " يتذكَّرون " وابنُ مَسْعود وطلحة " ومَنْ ازَّكَّى " والأصلُ: تَزَكَّى فَأُدْغِمَ باجتلابِ همزةِ الوصلِ، " فإنما يَزَّكَّى " أصلُه يَتَزَكَّى فأُدْغِمَ، كأبي عمروٍ في غيرِ المشهورِ عنه.