قوله: { بَلَىٰ }: جوابٌ لقولِهم " لا تَأْتينا " وما بعده قسمٌ على ذلك. وقرأ العامَّةُ " لَتَأْتِيَنَّكم " بالتأنيث. وطلق بالياء فقيل: أي: البعثُ. وقيل: هي على معنى الساعة، أي: اليوم. قاله الزمخشري. ورَدَّه الشيخ بأنه ضرورةٌ، كقوله:
3710 ـ............................
ولا أَرْضَ أبْقَلَ إبْقالَها
وليس مثلَه. وقيل: أي الله بمعنى أمْرُه. ويجوز على قياسِ هذا الوجهِ أَنْ يكونَ " عالمُ " فاعلاً لـ " يَأْتَيَنَّكم " في قراءةِ مَنْ رفعه. قوله: " عالم " قرأ الأخَوان " عَلاّم " على صيغة المبالغة وخفضِه نعتاً لـ رَبِّي " أو بدلاً منه وهو قليلٌ لكونِه مشتقاً. ونافع وابن عامر " عالمُ " بالرفع على هو عالم أو على أنه مبتدأٌ، وخبره " لا يَعْزُب " أو على أنَّ خبرَه مضمرٌ أي هو. ذكره الحوفي. وفيه بُعْد. والباقون " عالم " بالخفض على ما تقدَّم. وإذا جُعِل نعتاً فلا بُدَّ مِنْ تقدير تعريفِه. وقد تقدَّم أنَّ كلَّ صفةٍ يجوزُ أن تتعرَّفَ بالإِضافةِ إلاَّ الصفةَ المشبهةَ. وتقدَّمتْ قراءتا " يَعْزُب " في سورةِ يونس. قوله: " ولا أَصْغَرُ " العامَّةُ على رفعِ " أصغر " و " أكبر ". وفيه وجهان، أحدُهما: الابتداء، والخبرُ { إِلاَّ فِي كِتَابٍ }. والثاني: النسقُ على " مثقالُ " وعلى هذا فيكونُ { إِلاَّ فِي كِتَابٍ } تأكيداً للنفيِ في " لا يَعْزُبُ " كأنه قال: لكنه في كتاب مُبين. وقرأ قتادةُ والأعمش، ورُوِيَتْ عن أبي عمرو ونافع أيضاً، بفتح الراءَيْن. وفيهما وجهان، أحدهما: أنها " لا " التبرئةُ بُني اسمُها معها. والخبرُ قولُه: { إِلاَّ فِي كِتَابٍ }. الثاني: النسقُ على " ذَرَّةٍ ". وتقدَّم في يونس أنَّ حمزةَ قرأ بفتح راءِ " أصغر " و " أكبر " وهنا وافقَ على الرفع. وتقدَّم البحثُ هناك مُشْبَعاً. قال الزمخشري: " فإن قلتَ: هَلاَّ جاز عطفُ " ولا أصغرُ " على " مثقال " ، وعطف " ولا أكبرَ " على " ذَرَّة ". قلت: يَأْبَى ذلك حرفُ الاستثناءِ إلاَّ إذا جَعَلْتَ الضميرَ في " عنه " للغيبِ، وجَعَلْتَ " الغيب " اسماً للخَفِيَّات قبل أنْ تُكتبَ في اللَّوْح؛ لأنَّ إثباتَها في اللوحِ نوعٌ من البروزِ عن الحجاب على معنى: أنه لا يَنْفَصِلُ عن الغيب شيءٌ ولا يَزِلُّ عنه/ إلاَّ مَسْطوراً في اللوح ". قال الشيخ: " ولا يُحتاجُ إلى هذا التأويلِ إذا جَعَلْنا الكتابَ ليس اللوحَ المحفوظ ". وقرأ زيد بن علي بخفض راءَيْ " أصغر " و " أكبر " وهي مُشْكلةٌ جداً. وخُرِّجَتْ على أنهما في نية الإِضافة؛ إذ الأصلُ: ولا أصغرِه ولا أكبره، وما لا ينصرف إذا أُضيفَ انْجَرَّ في موضعِ الجرِّ، ثم حُذِفَ المضافُ إليه ونُوي معناه فَتُرِك المضَافُ بحالِه، وله نظائرُ كقولهم: