قوله: { صَدَّقَ }: قرأ الكوفيون " صَدَّق " بتشديد الدال. والباقون بتخفيفها. فأمَّا الأولى فـ " ظنَّه " مفعولٌ به. والمعنى: أنَّ ظنَّ إبليس ذهب إلى شيءٍ فوافق، فصدَّق هو ظنَّه على المجاز والاتساعِ. ومثلُه: كذَّبْتُ ظني ونفسي وصَدَّقْتُهما، وصَدَّقاني وكَذَّباني. وهو مجازٌ سائغ. أي: ظَنَّ شيئاً فوقع. وأصلُه: مِنْ قولِه: " ولأُغْوِيَنَّهم " و " لأُضِلَّنَّهم " وغيرِ ذلك. وأمَّا الثانيةُ فانتصب " ظنَّه " على ما تقدَّم من المفعول به كقولهم: أَصَبْتُ ظني، وأَخْطَأْت ظني. أو على المصدرِ بفعلٍ مقدرٍ أي: يظنُّ ظنَّه، أو على إسقاطِ الخافضِ أي: في ظنه. وزيدُ بن علي والزهريُّ برفعِ " ظَنُّه " ونصب " إبليس " كقول الشاعر:
3738 ـ فإنْ يَكُ ظَنِّي صادِقاً وهو صادِقي
.................................
جعل ظنَّه صادقاً فيما ظَنَّه مجازاً واتساعاً. ورُوي عن أبي عمروٍ برفعِهما وهي واضحةٌ. جعل " ظنَّه " بدلَ اشتمال من إبليس. والظاهر أنَّ الضميرَ في " عليهم " عائدٌ على أهل سبأ، و " إلاَّ فريقاً " استثناءٌ من فاعل " اتبعوه " و " من المؤمنين " صفةُ " فريقاً ". و " مِنْ " للبيان لا للتبعيضِ لئلا يَفْسُدَ/ المعنى؛ إذ يلزمُ أَنْ يكونَ بعضُ مَنْ آمن اتَّبع إبليسَ.