الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً }

قوله: { وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ }: قرأ الأخَوان " ويَعْمَلْ ويُؤْتِ " بالياء مِنْ تحتُ فيهما. والباقون " وتَعْمل " بالتاء من فوق. " نُؤْتِها " بالنون. فأمَّا الياءُ في " ويَعْمَلْ " فلأجل الحَمْلِ على لفظ " مَنْ " وهو الأصلُ. والتاءُ مِنْ فوقُ على معناها؛ إذ المرادُ بها مؤنثٌ، وتَرَشَّح هذا بتقدُّمِ لفظِ المؤنث وهو " مِنْكُنَّ " ومثلُه قولُه:
3694 ـ وإنَّ مِن النِّسْوان مَنْ هي روضةٌ   .........................
/لَمَّا تقدَّم قولُه: " مِن النسوانِ " تَرَجَّح المعنى فَحَمَل عليه. وأمَّا " يُؤْتِها " بالياءِ مِنْ تحتُ فالضمير لله تعالى لتقدُّمِه في " لله ورسوله ". وبالنون فهي نونُ العظمة. وفيه انتقالٌ من الغَيْبة إلى التكلُّم.

وقرأ الجحدريُّ ويعقوب وابن عامر في رواية وأبو جعفر وشيبةُ " تَقْنُتْ " بالتاءِ مِنْ فوقُ حَمْلاً على المعنى وكذلك " وتَعْمَل ". وقال أبو البقاء: " إنَّ بعضَهم قرأ " ومَنْ تَقْنُتْ " بالتأنيث حَمْلاً على المعنى و " يَعْمَلْ " بالتذكير حملاً على اللفظ ". قال: " فقال بعض النحويين: هذا ضعيفٌ؛ لأنَّ التذكيرَ أصلٌ فلا يُجْعَلُ تَبَعاً للتأنيث. وما عَلَّلوه به قد جاء مثلُه في القرآن. قال تعالى: { خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا } " [الأنعام: 139].