الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً }

قوله: { وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ }: أي وأنزل اللَّهُ. و { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } بيانٌ للموصولِ فيتعلَّقُ بمحذوفٍ. ويجوز أن يكونَ حالاً. و " مِنْ صَياصِيْهم " متعلِّقٌ بـ " أَنْزل " و " مِنْ " لابتداءِ الغاية. والصَّياصِي جمعُ " صِيْصِيَة " وهي الحصونُ. ويقال لكل ما يُمتنع به ويُتَحَصَّن: صِيْصيَة. ومنه قيل لقَرْنِ الثور ولشوكة الديك: صِيْصِيَة. والصَّياصِي أيضاً: شَوْك الحاكَةِ ويُتَّخَذُ مِنْ حديد قال دُرَيْد بن الصِّمَّة:
3690 ـ..............................   كوَقْعِ الصَّياصِيْ في النسيجِ المُمَدَّدِ
قوله: " فريقاً تَقْتُلون " " فريقاً " منصوبٌ بما بعده. وكذلك " فريقاً " منصوب بما قبله. والجملةُ مبيِّنَةٌ ومقررةٌ لقَذْفِ الله الرعبَ في قلوبهم. والعامَّةُ على الخطابِ في الفعلين. وابن ذكوان في روايةٍ بالغَيْبةِ فيهما. واليمانيُّ بالغَيْبة في الأول فقط. وأبو حيوة " تَأْسرون " بضم السين.

قوله: " لم تَطؤُوْها " الجملةُ صفةٌ لـ " أرضاً ". والعامَّةُ على همزةٍ مضمومةٍ ثم واوٍ ساكنةٍ مضارعَ وَطِئ. وزيد بن علي " تَطُوْها " بواوٍ بعد طاءٍ مفتوحةٍ. ووجهُها: أنها أَبْدَلَ الهمزةَ ألفاً على غيرِ قياسٍ كقولِه:
3691 ـ إنَّ الأُسودَ لَتَهْدا في مَرابِضِها   ............................
فلمَّا أَسْنده للواو التقى ساكنان فَحُذِف أولهما نحو: لم يَرَوْها. وهذا أحسنُ مِنْ أَنْ تقول: ثم أجرى الألفَ المبدَلةَ مِنْ الهمزةِ مُجْرَى الألفِ المتأصِّلةِ فَحَذَفها جزماً؛ لأنَّ الأحسنَ هناك أَنْ لا تُحْذَفَ اعتداداً بأصلها. واستشهد بعضُهم على الحَذْفِ بقولِ زهير:
3692 ـ جَرِيْءٍ متى يُظْلَمْ يعاقِبْ بظلمِه   سَريعاً وإن لا يُبْدَ بالظُّلمِ يَظْلِمِ