قوله: { وَلَوْ تَرَىٰ }: في " لو " هذه وجهان، أحدهما: أنها لِما كان سيقع لوقوع غيره. وعَبَّر عنها الزمخشريُّ بامتناعٍ لامتناعٍ. وناقشه الشيخ في ذلك. وقد تقدَّم في أول البقرة تحقيقُه. وعلى هذا جوابُها محذوفٌ أي: لَرَأَيْتَ أمراً فظيعاً. الثاني: أنَّها للتمني. قال الزمخشري: كأنه قيل: وَلَيْتَكَ ترى. وفيها إذا كانت للتمني خلافٌ: هل تقتضي جواباً أم لا؟ وظاهرُ تقديرِ الزمخشري هنا أنه لا جوابَ لها. قال الشيخ: " والصحيحُ/ أنَّ لها جواباً ". وأنشدَ قولَ الشاعر:
3672 ـ فلو نُبِشَ المقابرُ عن كُلَيْبٍ
فَيُخبِرَ بالذَّنائبِ أيُّ زِيْرِ
بيومِ الشَّعْثَمَيْنِ لَقَرَّ عيناً
وكيف لِقاءُ مَنْ تحتَ القُبورِ
قال الزمخشري: " و " لو " تجيءُ في معنى التمني كقولك: لو تأتيني فتحدثَني كما تقول: ليتك تأتيني فتحدثني ". قال ابن مالك: " إن أراد به الحذفَ أي: وَدِدْتُ لو تأتيني فتحدثَني فصحيحٌ، وإن أراد أنها موضوعةٌ له فليس بصحيح؛ إذ لو كانت موضوعةً له لم يُجْمَعْ بينها وبينه كما لم يُجْمَعْ بين " ليت " وأتمنى، ولا " لعلَّ " وأترجَّى، ولا " إلاَّ " وأَسْتَثْني. ويجوز أن يُجْمَعَ بين لو وأتمنى تقول: تمنَّيْتُ لو فعلتُ كذا ". وهل المخاطبُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أو غيرُه؟ خلاف. و " إذ " على بابها من المضيِّ لأنَّ " لو " تَصْرِفُ المضارِعَ للمضيِّ. وإنما جيءَ هنا ماضياً لتحقُّقِ وقوعِه نحو:{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } [النحل: 1] وجعله أبو البقاء ممَّا وَقَع فيه " إذ " موقعَ " إذا " ولا حاجةَ إليه. قوله: " ناكِسُو " العامَّةُ على أنه اسمُ فاعلٍ مضافٌ لمفعوله تخفيفاً. وزيدُ بن علي " نَكَسُوا " فعلاً ماضياً، " رؤوسَهم " ، مفعولٌ به. قوله: " ربَّنا " على إضمارِ القول وهو حالٌ. أي قائلين ذلك. وقدَّره الزمخشريُّ " يَسْتغيثون بقولهم " وإضمارُ القول أكثرُ. قوله: " أَبْصَرْنا وسَمِعْنا " يجوزُ أَنْ يكونَ المفعولُ مقدراً أي: أَبْصَرْنا ما كُنَّا نُكَذِّبُ، وسَمِعْنا ما كنا نُنْكِرُ. ويجوزُ أَنْ لا يُقَدَّرَ أي: صِرْنا بُصَراءَ سميعين. قوله: " صالحاً " يجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً به، وأَنْ يكونَ نعتَ مصدرٍ.