الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

قوله: { فِي بِضْعِ }: متعلِّقٌ بما قبلَه. وتقدَّم تفسيرُ البِضْع واشتقاقُه في يوسف. وقال الفراء: " الأصلُ في " غَلَبِهم ": غَلَبَتِهم بتاءِ التأنيثِ فَحُذِفت للإِضافة كـ " وإقامَ الصلاةِ ". وغَلَّطه النحاسُ: بأنَّ إقامَ الصلاةِ قد يُقال فيه ذلك لاعتلالِها، وأمَّا هنا فلا ضرورةَ تَدْعو إليه.

وقرأ ابنُ السَّمَيْفَع وأبو حيوة " غَلْبِهم " بسكونِ اللام، فَتَحْتملُ أَنْ تكونَ تخفيفاً شاذاً، وأن تكونَ لغةً في المفتوحِ كالظَّعْن والظَّعَن.

قوله: { مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } العامَّةُ على بنائِهما ضمَّاً لقَطْعِهما عن الإِضافة. وأراد بها أي: مِنْ قبل الغَلَبِ ومِنْ بعدِه. أو من قَبْلِ كل أمرٍ ومِنْ بعده. وحكى الفراء كَسْرهما مِنْ غير تنوين. وغَلَّطه النحاسُ، وقال: " إنما يجوز مِنْ قبلٍ ومِنْ بعدٍ/ يعني مكسوراً منوناً ". قلت: وقد قُرِئ بذلك. ووجهُه أنه لم يَنْوِ إضافتَهما فَأَعْرَبهما كقوله:
3642 ـ فساغَ لي الشَّرابُ وكنتُ قَبْلاً   أَكاد أَغَصُّ بالماءِ القَراحِ
[وقوله:]
3643 ـ ونحنُ قَتَلْنا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ   فما شَرِبُوا بَعْداً على لَذَّةٍ خَمْرا
وحُكي " مِنْ قبلٍ " بالتنوينِ والجرِّ، " ومِنْ بعدُ " بالبناءِ على الضم.

وقد خَرَّج بعضُهم ما حكاه الفراء على أنه قَدَّر أنَّ المضافَ إليه موجودٌ فتُرِكَ الأولُ بحالِه. وأنشد:
3644 ـ.................   بين ذراعَيْ وَجبْهةِ الأَسَدِ
والفرقُ لائحٌ؛ فإنَّ في اللفظ مِثْلَ المحذوفِ، على خلافٍ في تقديرِ البيت أيضاً.

قوله: " ويومَئذٍ " أي: إذ يغلِبُ الرومُ فارسَ. والناصب لـ " يومَ " " يفرحُ ".